فقلنا إن حالات الأجسام الموجودة عندنا في هذا المعنى على أربعة أنحاء أحدها التركيب والثاني الاختلاط والثالث الاجتماع والرابع الامتزاج والأجسام إما جامدة وإما سيالة
فأما الجامدة فإذا كانت أجزاؤها كبارا وتركب بعضها مع بعض كان منها أشياء مختلفة الأشكال كالخشب إذا تركب مع الخشب كان منه الباب والكرسي أو شيء آخر ومنها ما أجزاؤه صغار فإذا اجتمع بعضها مع بعض بهيئتها الطبيعية يقال لها مختلطة وذلك كالحنطة مع الشعير وما أشبههما
والأجسام السيالة إما أن تجتمع شيئان من جنس واحد كالماء مع الماء والخمر مع الخمر فيقال لهما مجتمعان وإما أن يقف بعضها فوق بعض مثل الدهن والماء فيقال لهما ممتزجان بالاستعارة وإما أن يكون أحدهما خلاف الآخر وتتداخل أجزاء بعضها في بعض ويفسد أحدهما الآخر فيحدث من امتزاجهما شيء ثالث غيرهما ويكون في ذلك الأجسام السيالة والجامدة فأما في الأجسام السيالة فكمثل الماء واللبن والماء والخمر وما أشبهها ويقال لهما ممتزجان على الحقيقة وأما في الأجسام الجامدة فكاختلاط دقيق الحنطة بدقيق الشعير واختلاط الأدوية بعضها ببعض إذا سحقت فممازجة الأشياء بعضها بعضا خلاف اجتماع بعضها مع بعض لأنه إذا أضيف إلى الشيء شيء مثله يقال لهما مجتمعان لا ممتزجان وإنما تكون الممازجة الحقيقية باجتماع الشيء مع خلافه وإفساد أحدهما طبيعة الآخر والكوكبان إذا اقترنا لا يكون حالهما كحال الأجسام الجامدة ولا يجتمعان حتى يصيرا شيئا واحدا كالماء مع الماء والنار مع النار والصبر مع الصبر ولا يقف بعضها فوق بعض كالدهن والماء ولا يتمازجان بذاتهما حتى يفسد أحدهما الآخر كالماء والخمر بل هما بذاتهما وطبيعتهما على حالهما وإنما يمازج أحدهما صاحبه بكيفيته التي هي خلاف كيفية الكوكب الآخر
Sayfa 758