74

وفي الموعد المحدد من ذلك اليوم التاريخي - يوم افتتاح المفاوضات - اجتمع الوفدان في وزارة الخارجية المصرية، وألقيت كلمة الوفد المصري التي أسجلها هنا للتاريخ وللأهمية في هذه المذكرات:

عزيزي اللورد، سادتي

لي الشرف العظيم - كرئيس للحكومة ولوفد المفاوضات المصري - أن أرحب بكم بيننا، وهو شرف سيكون من أغلى وأبقى ما أعتز به في حياتي العملية الطويلة.

وإنه لمن حظي الكبير بصفتي المفاوض المصري الأول، أنني خلال محادثاتي التمهيدية مع الممثلين الممتازين للبلد العظيم صديقنا وحليفنا؛ وجدت في متناول يدي تلك الأفكار الجديدة، التي ولدتها الحرب الأخيرة، والتي كفلت قدسيتها الروح الجديدة المنبعثة في الشعوب، أعني بذلك المبدأ المسلم به من العالم أجمع من أن يكون كل شعب سيدا في بلده، وأن حق الأفراد والشعوب على السواء في الحرية ينبغي أن يوضع في الكفالة الاجتماعية لمجموعة الأمم، وقد قربت الحرب من أقدارها، ونسقت غاياتها.

وتحت لواء هذا الاتفاق في المبادئ استطاع ممثلو مصر، والمملكة المتحدة في محادثاتهم الأولى أن يتقابلوا في ميدان، يجب أن يتحقق فيه الاتفاق بغير كبير عناء، ولقد قبلت حكومة المملكة المتحدة فعلا، كما أعلن ذلك في البيان الذي نشره الوفد البريطاني أن تسحب من الأراضي المصرية جميع قواتها البحرية والبرية والجوية، وصرحت فوق هذا أن سياستها ترمي إلى أن تبرم مع مصر محالفة على غرار المحالفات، التي تعقد بين أمتين متساويتين لهما مصالح مشتركة.

وإنه لأمر يتعلق بكم أيها السادة أن تشيدوا بناءكم فوق هذه الأسس، وإني لكبير الأمل في أن نتيجة محادثاتكم، إذ تحدوكم - سواء أكنتم من هذا الجانب أم ذلك - الرغبة الصادقة في أن تعملوا على إكمال استقلال وطننا العزيز، ذلك الاستقلال الذي يعد احترامه الكامل شرطا أساسيا لصداقة دائمة مثمرة.

وأود أن أقول لزملائي المصريين قبل أن أختتم هذه الكلمة: إنهم سيجدون في صديقي لورد ستانسجيت وسير رونالد كامبل - اللذين كان لي شرف الاشتراك معهما في مناقشات طويلة شاقة - إدراكا يمتاز بالوضوح ، وتقدير الحقائق لموقف كل من البلدين ومصالحهما، وإني لعلى ثقة من أننا واصلون بذلك إلى أسعد النتائج.

وعلى أثر إلقائي هذه الكلمة، وقف اللورد ستانسجيت، وألقى كلمة الوفد البريطاني، فقال:

إني مدين بالشكر لدولتكم على حفاوتكم الودية بنا في هذا الاجتماع الرسمي الأول لوفدي المفاوضات الإنجليزي والمصري، وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن امتناني أنا وزملائي، الذين حضروا معي من بريطانيا لما قوبلنا به في كل مكان من حفاوة لا حد لها وحسن ضيافة، وذلك منذ وصولنا إلى بلادكم من أربعة أسابيع.

ولقد كنت على الدوام أفخر بأن أعد نفسي كما أنا الآن الصديق الوفي لمصر ... وأنه ليشرفني أن أترأس الوفد البريطاني في هذه المحادثات الهامة، التي هي بلا شك مؤذنة بعهد جديد من الاستقرار والتناسق في العلاقات البريطانية المصرية، وإنه لمن دواعي الفخر أن نستطيع بحث هذه المسائل العظيمة مع وفد ممتاز رفيع القدر كوفدكم.

Bilinmeyen sayfa