قسنطينة فأموت مرتاح البال.» وكانت إجابتي: «لا! لا أريد رأسك، ستتبعني، وستقاسمني أتعاب الطريق. لقد مضى كل ما كان بيننا ووقع في عالم النسيان.» ورد علي العربي من عبارات الإجلال والاحترام والإخلاص حتى ظننته صادقا. وفي الحقيقة لقد ظل هادئا مدة سنتين.
فكافأته على ذلك وعينته قائدا على بني مروان (٤٣) ولكن السلطة غيرته، إذ أنه لم يستعملها إلا للتآمر ضدي.
فاتصل بجميع أعدائي، وكتب إلى الفرنسيين وأخيرا ارتبط بيوسف وأصبح رائد جميع أنصاره الذين يعملون على رفعه إلى درجة باي. كل هذا جعلني لا أستطيع أن أعفو عن خيانته ولا أن أغض النظر عن كفرانه بالنعمة.
فحكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم فيه. والجدير بالذكر هو أن جريمته الأساسية، في نظري، لم تكن هي رغبته في الاستسلام للفرنسيين، إذ كنت على قاب قوسين أو أدنى من ذلك، ولكن الذي أدانه، في نظر السكان أنفسهم، هو تآمره مع يوسف ليعين بايا. أما شيخ البلد، الذي أجرم هو أيضا، وبما أنه كان شيخا محبوبا لعلمه،
_________
(٤٣) - قرية صغيرة على مقربة من الميلية.
1 / 59