أقول بينما المناقشة حادة، وأنا أقوم بمهمة الخنق خير قيام، إذ بي أسمع صوتا يدوي من أقصى الصالة صائحا: «دشرها ولاك ... العمى بعينتينك ...!».
وأتبع حضرته هذا القول بطلقة من غدارته، كادت ترديني على خشبة المسرح ... لولا أنني أخدتها من قصيره، وبرطعت إلى الخارج تاركا الفريسة تعرف شغلها مع صاحب هذا الاحتجاج العملي الغريب في نوعه! أما وقد انتهينا من ذكر ما نسينا فلنقفز بعد ذلك ولنواصل ما انقطع.
معلهش يا زهر
عرفتم أنني صادفت في أثناء عملي في شركة السكر بنجع حمادي عرافة فرنسية تنبأت لي بسنوات أعوم في أثنائها في الفلوس عوم، وأن هذه السنوات ستتبعها أخرى عجاف، وهكذا دواليك.
انقضت سنوات القحط والنحس والبلا الأزرق. فاستمع يا سيدي وارث معي للحال التي كنت فيها.
لعلك تذكر المسيو ديمو كنجس ... صاحب تياترو برنتانيا، وكيف فتحت أبواب النعيم باتفاقي وإياه على العمل في مسرحه، ذلك العمل الذي در عليه ربحا لم يكن يتصوره، وملأ خزانته بمال لم يكن يمتد إليه أمله حتى في أحلامه. وإنه وإن كان لي أن أتحدث بنعمة ربي، فإني أقول إنني نقلت هذا الرجل إلى سماء الثروة الجارفة، إذ كان إيراده السنوي من المسرح ثمانية آلاف جنيه أو يزيد. فهل عرف لي هذا الجميل؟ وهل قدر لي ذلك الصنيع؟
الجواب على ذلك: أنه اتفق مع الحاج مصطفى حفني «مدير مسرح برنتانيا» على أن يشتركا في إتمام بناء التياترو (لأنه كان إلى هذه اللحظة، على الله، سقف خيش وجدران مترين طوب وأرضية من الرمل و... إلخ).
ولكن للأسف كان الشرط الأساسي أن يخرجاني منه، وأن يجلبا فرقا أجنبية من الخارج للعمل به، الواحدة تلو الأخرى. ألحفت في الرجاء لعلي ألين قلب هذين الشريكين، وبعد مقت وفلقة قلب، تفضلا وتنازلا وقبلا أن يسمحا لي بالتمثيل في فترات متقطعة، بين سفر فرقة أجنبية ووصول أخرى، وفي أيام الصيف القائظة التي يرفض الأجانب أن يعملوا في أثنائها! برضه معلهش يا زهر إذ لم يكن أمامي إلا قبول ما يملى على من قاسي الشروط.
دقات أخرى
آدي دقة! أما الأخرى. فقد كان لي في أحد البنوك الأجنبية سندات تقدر بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه كنت أقترض عليها إذا ما أعوزني المال. إلا أنني فوجئت بحجز تحفظي على هذه السندات، لأن رجلا أتى من عرض الطريق ادعى أنني مدين له بمبلغ مائة جنيه! ولذلك رفض البنك أن يجيب مطالبي، وتوقف عن إقراضي أي مبلغ، بالرغم من توسلاتي إليه أن يحتفظ بمبلغ الدين، بل بأضعاف أضعافه، إذ أين المائة من الثلاثة آلاف.
Bilinmeyen sayfa