167

Hüda Şaaravi'nin Anıları

مذكرات هدى شعراوي

Türler

ولما كانت الأنظمة في بلاد الغرب أكثر إجحافا بحقوق المرأة منها في بلاد الشرق، المرأة الغربية أول من صاح بالمطالبة برفع هذا الغبن عنها، ونالها من العنف والاضطهاد بالسجن والتعذيب ما نالها حتى وصلت في بعض البلاد إلى ما تصبو إليه من المساواة بالرجل وحتى وقفت معه جنبا إلى جنب في جميع الوظائف.

وفي بعض ولايات أمريكا اتسع المجال أمام المرأة حتى صارت تشترك مع الرجل في جميع الحرف الحرة والمراكز العمومية، وذلك بعد أن تقررت لها الحقوق السياسية كالرجل سواء بسواء، ويوجد الآن في تلك البلاد عدد عظيم من النساء أعضاء في المجالس البلدية ومجالس الأقاليم والمجالس النيابية، وفي كثير من المحاكم الابتدائية والاستئنافية عدد غير قليل منهن بين قاضية ونائبة ومحامية، كما يوجد في القارة الأوروبية كثير من الممالك التي نالت فيها المرأة مثل هذه الحقوق. وقد أظهرت المرأة في وظائف القضاء بجلدها وصبرها وحكمتها وعلمها بنفسية الأحداث مقدرة قل أن تجارى فيها، فإن الإحصاءات والمشاهدات دلت على أن كثيرا من الأحداث يثوبون إلى الرشد ويصبحون أعضاء نافعة صحيحة بفضل تأثير النصائح التي تسدى إليهم من القضاة النساء.

سيداتي:

أتظنن أن المرأة الغربية التي جاهدت لنيل حقوقها، انتهت معركتها منذ تربعها على منصة الحكم بجانب الرجل؟ كلا. إنها لم تجاهد طمعا في المناصب الرفيعة أو حبا في مساواتها بالرجل فقط، بل إنها أرادت من وراء ذلك غرضا أسمى ومقصدا نبيلا هو تهذيب الهيئة البشرية وتقليل الشرور فيها والسمو بها إلى الكمال، فقامت الآن تنشد السلام في العالم وتستعد لمكافحة أسباب الحرب التي هي آفة الإنسانية، وويلاتها.

ولتحقيق هذا الغرض الجليل، يجب أن تتضافر نساء العالم، ولا أخال الطبقات المتعلمة من نساء مصر يحجمن عن مد يد العون وشرف الاشتراك في تحقيق هذه الغاية السامية، وها هو ذا باب الاتحاد النسائي المصري مفتوح على مصراعيه لمن تهزه نخوة الإنسانية للاشتراك في هذه الخدمة المقدسة.

سيداتي:

حقا لقد أعجبت بما كانت تبذله السيدات أعضاء الاتحاد النسائي الدولي في درس هذه المسائل العظيمة الشأن في المحاضرات التي ألقيت في اجتماع أمستردام، وكم تمنيت لو أن عددا من السيدات المصريات حضرن هذا الاجتماع ليشاهدن ما كانت تبذله المؤتمرات من الجهد في دراسة هذه المسألة الكبرى من جميع وجوهها.

أما المرأة الشرقية التي منحتها الشريعة السمحاء حقوقا تكاد تساوي حقوق الرجل بل تفوقها في بعض المواطن، فمن الأسف أنها لم تخط خطوات تذكر. وقد يعترض على قولي هذا بأن المرأة التركية وثبت وثبة واسعة المدى في مدة وجيزة، وهذا صحيح، غير أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه بمحض مجهوداتها، بل يظهر أن الأمة التي تريد رقيا كاملا تشعر أن ذلك لا يتم إلا برقي الجنسين معا، أدرك ذلك مصطفى كمال مؤسس تركيا الفتاة؛ فحث المرأة في بلاده على الاشتراك مع الرجل في القيام بالواجب. وبفضله ارتقت المرأة التركية، فأصبحت تركيا الحديثة بالرغم مما نزع من أملاكها وما قل من عدد أبنائها تعد في مصاف الأمم الكبيرة المتمدينة.

على أن الرغبة في إصلاح المرأة والأخذ بيدها للخروج من الهوة التي وقعت فيها، بدأت عندنا في مصر منذ خمسين سنة تقريبا، أو منذ فتحت المدرسة السنية للبنات بفضل ومسعى الأميرة «جشم ألفت هانم» حرم المغفور له الخديوي إسماعيل باشا، ومنذ ذلك العهد ظهر في عالم الأدب والتحرير أديبات وكاتبات كن طلائع النهضة في تحرير المرأة وتهذيبها، وأخذت هذه الروح تنتشر ويكثر أنصارها بين الرجال والنساء حتى ظهر كتابا «تحرير المرأة» و«المرأة الجديدة» للمرحوم قاسم أمين.

إلى أن زادت هذه النهضة قوة وتوسعا، فتقدمت المرأة إلى الجموع العمومية مباشرة خطيبة رافعة صوتها في المطالبة بحقوقها، وأول من دخلت هذا الميدان المرحومة ملك حفني ناصف المعروفة بباحثة البادية، خصص فيها حينذاك قسم للسيدات تلقي عليهن فيه المحاضرات في الموضوعات المختلفة. وقد هم جماعة من السيدات سنة 1914 لتشكيل جمعية نسوية لترقية مدارك المرأة، ولكن الحرب عطلت تحقيق هذا المشروع؛ لأن المرأة المصرية لما أدركت الخطر الذي يهدد كيان البلاد، رأت نفسها مدفوعة لمشاركة الرجل في الدفاع عن شرف الوطن بعاطفتين راسختين: عاطفة الوطنية، وعاطفة نسوية بحتة هي عاطفة الشعور بالواجب، فتألفت منها جمعيات سياسية واجتماعية، وظلت تشتغل حتى تشكلت لجنة الاتحاد النسائي المصري عقب دعوة وصلتنا من جمعية الاتحاد النسائي الدولي أوائل سنة 1923 لحضور مؤتمر روما، فلبينا الدعوة وسافر وفد منا لهذا الغرض. وكان للاشتراك في هذا المؤتمر فضل كبير في تغيير عقيدة الغربيين في المرأة المصرية، ولذلك قبلت لجنة الاتحاد النسائي الدولي ضم جمعيتنا إليها واعتبارها فرعا من فروعها المنبثة في بلاد الشرق والغرب. وكان من أثر هذا النجاح أن تشجعت جمعيتنا بعد عودة مندوباتها من روما، فأرسلت وفدا لرئيس الحكومة المصرية يحمل طلبين مهمين؛ أولهما: إصدار قانون يحرم زواج الفتاة قبل السادسة عشرة. وثانيهما: مساواة البنت للولد في التعليم الثانوي والعالي. وقد وفقن لإجابة هذين الطلبين.

Bilinmeyen sayfa