203

مع ان الموزون من الكلام رتبته فوق رتبة غيره : ان القرآن منبع الحق ، ومجمع الصدق ، وقصارى امر الشاعر : التخييل بتصور الباطل في صورة الحق ، والافراط في الاطراء ، والمبالغة في الذم ، والايذاء ، دون اظهار الحق ، واثبات الصدق.

ولهذا : نزه الله نبيه عنه ، ولاجل شهرة الشعر بالكذب ، سمى اصحاب البرهان القياسات المؤدية في اكثر الامر الى البطلان والكذب : (شعرية).

وقال بعض الحكماء : لم ير متدين صادق اللهجة ، مفلق في شعره.

واما ما وجد في القرآن ، مما صورته صورة الموزون :

فالجواب عنه : ان ذلك لا يسمى شعرا ، لأن شرط الشعر القصد ولو كان شعرا ، لكان كل من اتفق له في كلامه شيء موزون شاعرا فكان كل الناس شعراء : لأنه قل ان يخلو كلام احد عن ذلك ، وقد ورد ذلك على الفصحاء ، فلو اعتقدوه شعرا ، لبادروا الى معارضته والطعن عليه ، لأنهم كانوا احرص شيء على ذلك.

وانما يقع ذلك : لبلوغ الكلام ، الغاية القصوى في الانسجام.

وقيل : البيت الواحد ، وما كان على وزنه ، لا يسمى : «شعرا» واقل الشعر : «بيتان ، فصاعدا».

وقيل : الرجز : لا يسمى : «شعرا» اصلا.

وقيل : اقل ما يكون من الرجز شعرا ، اربعة أبيات ، وليس ذلك في القرآن بحال.

قال بعضهم : التحدى انما وقع للانس دون الجن ، لأنهم ليسوا من اهل اللسان العربى ، الذي جاء القرآن على أساليبه : وانما ذكروا

Sayfa 205