181

ولان هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر الى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ، ليراها ذوو البصائر ، كما قال النبي (ص):

ما من الأنبياء نبى الا اعطى ما مثله امن عليه البشر ، وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي ، فارجو ان اكون اكثرهم تابعا.

اخرجه البنجاري.

قيل : ان معناه : ان معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض اعصارهم فلم يشاهدها الا من حضرها ، ومعجزة القرآن مستمرة الى يوم القيامة وخرقه العادة في اسلوبه وبلاغته ، واخباره بالمغيبات ، فلا يمر عصر من الاعصار ، الا ويظهر فيه شيء مما اخبر به انه سيكون ، يدل على صحة دعواه.

وقيل : المعنى : ان المعجزات الواضحة الماضية ، كانت حسية تشاهد بالأبصار : كناقة صالح ، وعصى موسى.

ومعجزة القرآن : تشاهد بالبصيرة ، فيكون من يتبعه لأجلها أكثر ، لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده ، والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا.

قال في فتح البارى : ويمكن نظم القولين في كلام واحد ، فان محصلهما : لا ينافي بعضه بعضا ، ولا خلاف بين العقلاء : ان كتاب الله تعالى معجز ، لم يقدر احد على معارضته بعد تحديهم بذلك.

قال تعالى : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) فلو لا ان سماعه حجة عليه ، لم يقف امره على سماعه ، ولا يكون حجة الا وهو معجزة.

وقال تعالى : ( وقالوا لو لا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما

Sayfa 183