265

Dehâ-engiz Ahmed

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Türler

Belagat
يقول: أنت سيف الملك، وهو ملك بني العباس، لكن الله تعالى يضرب بك أي ينصرك ويسلطك على الأعداء، وأنت لواء الدين: يعني أنت تظهر شعاره، وتدعو الناس إليه، والله يعقد هذا اللواء؛ لأن ما يعقده الله لا يقدر أحد على حله. وأنت أبو الهيجا ابن حمدان يا ابنه ... تشابه مولودٌ كريمٌ ووالد أبو الهيجاء: أبو سيف الدولة. يقول: أنت أبوك. أي تشبهه في أفعاله وأخلاقه، يا ابنه نداء لسيف الدولة، معناه: يا ابن أبي الهيجاء أشبهته وأشبهك، فالمولود الكريم، ووالده متشابهان، في الأخلاق والأفعال. وحمدان حمدونٌ، وحمدون حارثٌ ... وحارث لقمانٌ، ولقمان راشد حمدان جد سيف الدولة. وحمدون جد أبيه، وكذلك ما بعده. يعني: أنك أشبهت أباك، وأبوك أشبه جدك، وجدك أشبه أباه، فكل واحد منكم يشب أباه إلى الجد الأكبر، في الكرم والخصال. وطعن الصاحب لإيراده لقطة حمدان وحمدون. وليس فيه مطعن لأنه لم يمكنه أن يغير اسم آبائه وأجداده، وأن يجعل مكانة لفظة حسنة يخترعها. أولئك أنياب الخلافة كلّها ... وسائر أملاك البلاد الزّوائد الأنياب جمع الناب. والزوائد ما زاد على الأسنان المعروفة في الفم، وقيل: إنما جعلهم أنياب الخلافة، لأن ذوات الأنياب يسطون بها، وكان الخلفاء يسطون بهم على أعدائهم، وجعل غيرهم من الملوك كالزوائد، لا يحتاج إليها، بل يتأذى بها، فكأنه قال: أنت وآباؤك الأمراء حقًا، وأنتم للخلافة كأنياب يذبون عنها، وغيركم التي لا خير فيها. أحبّك يا شمس الزّمان وبدره ... وإن لامني فيك السّها والفراقد جعله كالشمس وكالبدر. يعني أن الشمس تضيء النهار، والبدر يضيء الليل، وأنت قد جمعت معنيين فاستحققت الاسمين، وجعل غيره من الملوك إلى جنبه كالسها والفرقدين لأن السها: نجم حفي لا يكاد يراه إلا حاد البصر، والفرقدان: نجمان خفيان أيضًا، من بنات نعش الصغرى، وأتى بلفظ الفرقدين، وما حولهما من الكواكب، وقيل: أقام لفظ الجمع مكان لفظ التثنية. وذاك لأنّ الفضل عندك باهرٌ ... وليس لأنّ العيش عندك بارد باهر: أي ظاهر غالب، وبارد: أي طيب. يقول: أحبك لفضلك، لا لما أناله من طيب العيش عندك، لأن ذلك يحصل في كل موضع. فإنّ قليل الحبّ بالعقل صالحٌ ... وإن كثير الحبّ بالجهل فاسد يقول مؤكدًا لقوله: أحبك يا شمس الزمان، وإن القليل من المحبة مع العقل ينتفع بها، فأنا أحبك بالعقل، فإن قدرت أن محبتي لك قليلة، ولكنها لما كانت مع العقل كانت أنفع من محبة الجاهل إياك؛ لأن العاقل إنما يجب الإنسان لما يرى من فضله، فمحبته دائمة لذي الفضل، وأن الكثير من المحبة مع الجهل، فاسد لا أصل له، لأن الجاهل إنما يحب الإنسان للطمع، فإذا انقطع انقطعت المحبة، فغيري من الشعراء وإن كان يظهر لك من نفسه حبًا كثيرًا؛ فحبه لما كان مع الجهل ليس فيه طائل ومنه قوله: يحبّ العاقلون على التّصافي ... وحبّ الجاهلين على الوسام وقيل: أراد أنت تحبني محبة قليلة، وغيرك من الملوك يحبونني كثيرًا، غير أن محبتك مع العقل، فإنك تعرف فضلي ومحبتهم مشوبة بالجهل بفضلي، والقليل من الحب إذا كان مع العقل، أصلح من الحب الكثير إذا كان مع الجهل. وقال يمدحه ويعزيه بغلامه التركي يماك، وقد توفي في سحر يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر رمضان سنة أربعين وثلاث مئة. لا يحزن الله الأمير فإنّني ... لآخذ من حالاته بنصيب لا حزن الأمير، فإني أشاركه في أحواله. إذا حزن حزنت لأجل حزنه، وإذا سر شاركته في السرور، وهذا معنى قوله: لآخذ من حالاته بنصيب. فكأنه دعاء لنفسه. كما تقول: حرس الله على نعمه ببقائك. وهذا إشارة إلى خلوص الدعاء له وصفاء النية في حبه. ومن سرّ أهل الأرض ثمّ بكى أسىً ... بكى بعيونٍ سرّها وقلوب أسى في موضع نصب، لأنه مفعول له. وقيل: تمييز. والهاء في سرها للعيون وقلوب سرها، فحذف لدلالة الأول عليه. يقول: من سر الناس كلهم بإحسانه إليهم، ثم بكى لحزن أصابه، ساء بكاؤه الذين سرهم، فكأنه يبكي بعيونهم ويحزن بقلوبهم، ومثله لآخر: عمّت فواضله فعمّ مصابه ... فالنّاس فيه كلّهم مأجور

1 / 265