Dehâ-engiz Ahmed
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Türler
Belagat
وجاز أن يكون سرب مبتدأ، وإن كان نكرة؛ لأنه لما وصفه قربه من المعرفة، والهاء في ذواتها لمحاسنه وفي محاسنه لسرب وذوات محاسن السرب هي: السرب بعينه. والهاء في موصوفاتها للصفات.
يقول: هذا سرب حرمت ذوات محاسنه. الحسان منه. وهذا السرب صفاته دانية قريبة هي مني؛ لأنها ألفاظ أنا قادر عليها، فمتى شئت وصفتها. فأما الموصوف بالحسن، فبعيد عني، وهن: النساء المعبر عنهن بالسرب.
وإضافة ذوات إلى المضمر في قوله: ذواتها غير جائزة عند البصريين. وأبو العباس المبرد: يجيز ذلك.
أوفى فكنت إذا رميت بمقلتي ... بشرًا رأيت أرق من عبراتها
أوفى: أي أشرف، يعني السرب. والبشر: جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد. والهاء في عبراتها للمقلة.
يقول: إن هذا السرب لما أشرف علي وهي كناية عن علوهن في هوادجهن للمسير، رميت ببصري بشرات هذا السرب، فرأيت بشراته أرق وأصفى من عبرات عيني عند الارتحال. وإنما قال ذلك، لأن الدمع يضرب به المثل في الصفاء والرقة.
يستاق عيسهم أنيني خلفها ... تتوهم الزفرات زجر حداتها
يقول: كان أنيني على إثر الإبل التي كانت عليها الهوادج سابقًا، فكانت الإبل تظن زفراتي وراءها أنها زجر حداتها، فكانت تجد في السير. وروى: تشتاق عيسهم أنيني خلفها فلشدة شوقها إذا سمعت أنيني جدت في السير لزيادة أنيني.
وكأنها شجرٌ بدت لكنها ... شجرٌ جنيت الموت من تمراتها
روى: الموت والمر.
يقول: كأن هذه العيس، وعليها الهوادج شجرٌ، لعلوها وارتفاعها. إلا أني جنيت من هذه الشجر، الثمر الذي ليس بمعتاد! وهو الموت، أو المر، من الثمر.
لا سرت من إبل لواني فوقها ... لمحت حرارة مدمعي سماتها
السمة: العلامة التي تكون على الإبل بالنار، والمدمع: مجرى الدمع، وأراد به الدمع هاهنا، ووصفه بالحرارة؛ لأن ماء العين إذا كان من الحزن يكون حارًا، وإذا كان من السرور فهو بارد.
يدعو على الإبل فيقول لها: لا سرت أبدًا، ولا قدرت على السير! ولو كنت فوق هذه الإبل راكبًا. كانت دموعي تسيل عليها وتمحوا بحرارتها أثر سماتها، وتذهب شعرها كما تمحوه النار.
وحملت ما حملت من هذي المها ... وحملت ما حملت من حسراتها
المها: بقر الوحش.
يقول دعاء لنفسه، وعلى الإبل: ليتني حملت ما عليك من النساء، وحملت أنت ما حملت من حسرات فراقهن.
وقيل أراد: لو كنت فوقك لحملت ما عليك من هذه النساء وحملت أنت حسراتي التي أتحملها؛ لأني إذا حملتهن فرقت بينك وبينهن حسراتي لتبعدهن عنك.
إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها
الشغف: شدة الحب.
يقول: إني على شدة كلفي بما في خمر هذه النساء، وهي الوجوه. أكف نفسي عن مواقعتهن. ومثله: قول العباس بن الأحنف:
عف الضمير ولكن فاسق النظر
وترى المروة والفتوة والأبو ... ة في كل مليحةٍ ضراتها
كل مليحة: فاعل ترى والمروة وما يتبعها: مفعوله. وضراتها: المفعول الثاني. والهاء: للمليحة.
يقول: ترى التقاء الملاح. مروتي وفتوتي وأبوتي. مانعة لي عنهن، فكأن هذه الثلاثة ضرات للملاح؛ لما فيهن من المنع عنها.
هن الثلاث المانعاتي لذتي ... في خلوتي لا الخوف من تبعاتها
يقول: هذه الثلاثة منعتني عن لذتي بالنساء في حال الخلوة؛ لأني لا أخاف تبعات ذلك: أي الخوف من الوشاة، أو عشائرهن أو غير ذلك؛ لأني كنت لا أخاف أحدًا. وقيل: أراد خوف الألم والعقاب، لكن الأول أولى.
ومطالبٍ فيها الهلاك أتيتها ... ثبت الجنان كأنني لم آتها
المطالب: جمع المطلب.
يقول: كم من مطالبٍ عظيمة الخطر، فيها الهلاك إذا أتيتها، فآتيتها وأوقعت نفسي فيها وقضيت منها حاجتي، وأنا ثابت القلب حتى كنت لثبات قلبي كأنني غير ملابس لها.
ومقانبٍ بمقانبٍ غادرتها ... أقوات وحش كن من أقواتها
المقانب: جمع المقنب، وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين من الخيل. وكن. للوحش.
يقول: رب جيش تركته بجيش آخر أقواتًا للوحوش، أي قتلته فأكلته الوحوش، بعد ما كانت الوحوش قوتًا له. يعني: أنهم صعاليك لا قوت لهم إلا ما يصيدون من الوحوش والسباع.
أقبلتها غرر الجياد كأنما ... أيدي بني عمران في جبهاتها
1 / 159