Muhammad Ali Döneminde Mısır'ın Siyasi Yönelimi: Modern Mısır'ın Kurucusu
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Türler
6
وكان السلطان قد ظل السنوات العديدة قبل ذلك، وهو يصدر من الأوامر التي لا يؤبه لها إلى كل من والي دمشق وبغداد لطرد المغيرين من الأراضي المقدسة؛ ذلك لأن حماية تلك الأراضي يعتبر في نظر التقاليد الإسلامية من أسمى علامات الشرف، فلم يكن غريبا والحالة هكذا أن يعتبر طرد الأتراك منها عارا وأي عار. لهذا ولى الباب العالي وجهه شطر باشا القاهرة الناشئ، وقد خيل إلى السلطان أن يكون في الوقت نفسه قد قام بمناورة عظيمة لو أنه تمكن من حمل باشا القاهرة على إنهاك قواه وتبديد موارده باستخدام جنوده في القضاء على الوهابيين؛ لأنه بذلك لا يستعيد الحجاز فقط بل ويستعيد أيضا مصر إلى قبضة يده. وهكذا رأينا الباشا والسلطان يتحدان في النهاية (وإن كان هذا الاتحاد لبواعث مختلفة) تحدوهما رغبة واحدة في إعادة فتح بلاد العرب التي تعتبر مهد الإسلام.
ومن ثم، بدأ ابنه طوسون زحفه الحقيقي في أواخر سنة 1811م، وهو الزحف الذي بدأ مرة قبل ذلك بالوليمة التي شهدت مأساة المماليك في القلعة وطاحت فيها رءوسهم، على أن المأساة وقعت في هذه المرة، لا قبل الشروع في الزحف بل بعده؛ لأن الحملة نزلت في السفن في السويس وألقت مراسيها في ينبع، ولكنها حوصرت في أوائل سنة 1811م في مضيق واقع على الطريق المؤدي إلى المدينة، ودارت رحى القتال مدة ثلاثة أيام كانت نتيجتها عودة المغيرين القهقرى إلى ينبع، بعد أن فقدوا كافة بطاريات الطوبجية،
7
أما الانسحاب فقد بدأه كبير ضباط طوسن إلى أن وصل إلى ينبع في أمان، ولكن سرعان ما أطيحت رأسه - بناء على أوامر محمد علي - لشد عزيمة بقية الجنود. وقد انتهز الباشا فرصة هذا الانسحاب للتخلص من بعض المشاغبين من زعماء الألبانيين ممن كانت لهم نزعات ثورية وميول للشغب تسبب قلقا له، وكان طبيعيا بعد ما لحقهم من عار الهزيمة، وبعد أن ضاقوا ذرعا بمصاعب ومشاق القتال في بلاد العرب القحلاء، حيث لا تزيد فيها الغنيمة عن بضعة إبل مع ما يتعرض له الإنسان من خطر القتال، نقول: كان بديهيا بعد ذلك كله ألا يطيل أولئك الزعماء الألبانيون اعتراضهم عندما اقترح عليهم الباشا أن يغادروا مصر، وأن يبحثوا عن خدمة في الجيش العثماني في جهات أخرى تكفل لهم المكسب وتدر عليهم الأرزاق.
وقد انقضى فصل الحر عام 1812م في اتخاذ هذه الإجراءات والقيام بتجهيز الاستعدادات لحملة ثانية، وقد تضمنت هذه الاستعدادات إغواء بعض القبائل العربية في الحجاز بوسائل عرفناها في العصور الحديثة؛ لتسهيل الزحف على المدينة. وقد كللت هذه الإجراءات بالنجاح، وكانت نتيجتها طرد الوهابيين من المدينة في شهر نوفمبر، ومن مكة ثم جدة في أوائل العام التالي. ومن ثم بسط محمد علي ظله على الحجاز وأصبح سلطان الآستانة ينادى باسمه من جديد من فوق المنبر في الأراضي المقدسة.
8
ثم ذهب محمد علي بعد شهور قليلة بنفسه إلى مكة «لتوطيد دعائم النظام» في ممتلكاته الجديدة،
9
ولكن تبين أنه كان يرمي من وراء هذه الزيارة إلى تعيين «شريف» جديد في مكة؛ لأن الشريف القديم لم يكتف على ما يظن بالعطف على الوهابيين وتقديم المساعدة لهم، بل كانت في حيازته أيضا أموال طائلة، وقد تم خلع الشريف بمنتهى السهولة وأرسل هو أولاده الثلاثة إلى القاهرة،
Bilinmeyen sayfa