Muhammad Ali Döneminde Mısır'ın Siyasi Yönelimi: Modern Mısır'ın Kurucusu
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
Türler
ثم دارت محادثات عديدة بين كامبل من ناحية وكبير وزراء الباشا باغوص بك من ناحية أخرى ، ولكن محمد علي رفض بتاتا الاقتراحات المعروضة عليه وأعلن الباشا - بحق - أن كريت يختلف شأنها عن شأن جزيرة ساموس، فبينما أن سكان الجزيرة الثانية كلها أروام فإن جزيرة كريت يسكنها شعب من مختلف الأجناس، ثم إن فيها عددا كبيرا من الرعايا المسلمين الذين لا يمكن وضعهم عقلا تحت الإدارة اليونانية. يضاف إلى هذا كله أن حالة الأروام في الجزيرة تشهد بالبرهان القاطع أن حكم الباشا ليس قاسيا ولا يتنافى مع قواعد التسامح الديني أو العدالة، وعلى ذلك ظلت الأمور تجري مجراها الطبيعي لغاية سنة 1840م عندما أضاع الباشا جزيرة كريت كما أضاع سوريا، ولم يتوان بالمرستون لحظة في العودة إلى مشروعه السابق بسن دستور لجزيرة كريت شبيه بالدستور المعمول به في جزيرة ساموس، وهو المشروع الذي يلوح أن اللورد كان متعلقا به كل التعليق. ولعل الخطر في هذا أن كامبل لما بسط المشروع للباشا لم يبسطه له على وجهه الصحيح، ومهما سلمنا بأن كامبل لما عرض المشروع لم يستعمل اللباقة الكافية، بل وكان يعوزه الإقناع فلا جدال في أن الباشا لم يكن ميالا إلى إدخال الإصلاحات الحقيقية، على أن بونسيني لم يستطع أن يصنع مع الباب العالي أكثر مما صنعه كامبل مع محمد علي؛ فإن دوائر الآستانة كانت تعتقد كما اعتقدت دوائر القاهرة بأن دستور ساموس غير صالح بالمرة لجزيرة كريت. وقد أقر بونسيني هذا الرأي وأيده؛ ومن ثم بعث إلى رئيسه يقول: «إن السكان الأتراك في الجزيرة لا يمكن وضعهم تحت الإدارة اليونانية، كما لا يمكن التفكير في وضع حاميات يونانية في القلاع، وإلا كان معنى ذلك استمرار الفتن وتكون النتيجة أن تصبح الجزيرة تحت حكم اليونان أو فرنسا أو روسيا.» ومن ثم تقرر إرجاع الجزيرة إلى السلطان دون منحها ذلك الدستور الذي ظن أنه لا غنى عنه لخير الجزيرة ويسرها.
وكان التسامح الديني معمولا به في سوريا كما كان في مصر بطريقة لم تكن معروفة حق المعرفة إلى ذلك الحين. ولقد ذهب وفد من العلماء ورجال الدين في دمشق لمقابلة إبراهيم باشا لبث شكواهم من أن المسيحيين صار يسمح لهم بامتطاء الجياد وأن الفوارق والمميزات بين الكفار وبين المسلمين قد زالت؛ فأعرب لهم مع شيء من التهكم عن موافقته على وجوب الاحتفاظ ببعض المميزات، واقترح أن يركب المسلمون في المستقبل الهجين أو الإبل وهكذا يحلون مكانا أرفع من مكان المسيحيين،
17
ولقد سجل روبرت كيرزون مناسبة محزنة حضر فيها إبراهيم باشا بنفسه الاحتفال بمعجزة النار المقدسة في القدس،
18
ولقد كان من جراء هاتين المسألتين - الخدمة العسكرية والتسامح الديني - أن ثارت ثائرة الأهالي المسلمين كافة وازداد حنقهم على الحكومة الجديدة، وقد أشرنا إلى ذلك فيما مر من فصول هذا الكتاب، وقد أشار إلى هذه الحقيقة «مارمونت» عند زيارته لسوريا في سنة 1834م؛ إذ ألفى كافة الأتراك فيها ساخطين على إبراهيم باشا أشد سخط، وإن سخط الأتراك على السلطان في الولايات العثمانية التي مر بها كان لا يقل عن سخط مواطنيهم الآخرين على إبراهيم. ولقد وصف القنصل الإنجليزي في حلب شعور أهل سوريا بأنه شعور سخط وتذمر، لا بل شعور كراهية أيضا.
19
وليس من شك في أن هذا الشعور قد استفحل أمره من جراء تجديد آخر كان يدعو إلى القلق؛ ألا وهو السعي لقطع دابر الرشوة في الأعمال الخاصة بتسيير العدالة، وهذه المسألة قد أجمع عليها كافة القناصل الإنجليز في سنة 1836م، وهم الذين لا يمكن بحال ما أن يستشهد بهم الإنسان لتحبيذ إدارة إبراهيم باشا في سوريا والإشادة بها. ولعل أكبر خصوم إبراهيم بين أولئك القناصل يسلم على الأقل بأن دائرة الرشوة قد ضيقت كثيرا، بينما يسلم غيره بأنها ما تزال موجودة، وإن كان هذا داخل حدود ضيقة جدا، فضلا عن أنها لا تزاول إلا خفية عن علم ولاة الأمور. ويقرر قنصل ثالث بأن الرشوة قد زال استعمالها زوالا تاما؛
20
فأنت ترى أن كل القناصل قد أجمعوا - وإن كان إجماعهم ذلك لم يأت من تلقاء نفسه - بأن العدل لم يعد المثل الأعلى الذي لا يطبق على المسلمين وحدهم، ولقد أسف أحد أولئك القناصل لعدم وجود قانون مكتوب، ولكن هو نفسه يسلم بأنه كانت توجد في المدن الكبرى محاكم كالتي أنشئت حديثا في مصر يجلس فيها اليهود والمسيحيون القضاة للفصل في شئون العباد.
Bilinmeyen sayfa