158

Muhammad Ali Döneminde Mısır'ın Siyasi Yönelimi: Modern Mısır'ın Kurucusu

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Türler

121

وقد نبه على حكمدار بوليس الإسكندرية بأن يسهر على تنفيذ كل ما عسى أن يشير به القناصل من الإجراءات الصحية، ولم يكن هذا لعمرك بالأمر الهين؛ ذلك لأن الأهالي لم يكونوا ميالين إلى إطاعة الأوامر في هذا الصدد؛ لأنهم لم يفهموا الغاية المقصودة بها من جهة ولأن معظمهم كان يعتقد أنها مما لا يتلاءم مع أصول دينهم. وقد أعلن الباشا في طول البلاد وعرضها أن اجتناب العدوى لا يتنافى مع الشريعة، ووعد باستصدار فتوى من العلماء لتدعيم دعواه، وقد ختم الباشا رسالته إلى رئيس الديوان بقوله: «إن الأهالي هم أشبه شيء بالعجماوات لا يميزون الطيب من الخبيث.»

122

ثم تشكلت بعد ذلك بقليل لجنة أخرى برئاسة الكولونيل كامبل نفسه للسهر على تحسين الحالة الصحية العامة في منطقة الإسكندرية، وكانت باكورة أعمال هذه اللجنة إزالة عدد من العشش القذرة التابعة لصغار المصريين هذا إلى سد الخندق القديم الذي كان مملوءا بالماء الآسن الذين يحمل جراثيم مختلف الأمراض. ثم تقرر نقل مدبغة الجلود الأميرية من وسط المدينة إلى طرفها وأنشئت طريق واسعة لتفصل ما بين الحي الأوروبي والجمرك.

123

وقد تمكن كامبل في سنة 1837م، وبالرغم من مجيء الحجاج بلا انقطاع من الجهات المصابة بالوباء أن يعلن أن الوباء قد انقطع، وعزا نجاحه في وقف الوباء إلى نظام القورنتينة الذي طبق تطبيقا تاما على الجميع. وقد كتب كامبل بهذه المناسبة، فقال: «إن الباشا قد ترك مسألة القورنتينة كلية إلى عناية لجنة القناصل الصحية، ثم إنه لا يكتفي بتنفيذ كل ما تصدره اللجنة من الأوامر، ولكنه فضلا عن ذلك يقدم بلا صعوبة كل ما تشير به من النفقات للعناية بشئون المحجر الصحي الذي أصبحت نفقاته باهظة بسبب توظيف عدد كبير من الموظفين الأوروبيين فيه.»

124

وقد تفرقت هذه اللجنة وانهد كيانها بعد استدعاء كامبل ووقوع حوادث سنتي 1839م و1840م، وكان أكبر ما شغل اهتمام هودجز خليفة الكولونيل الحصول على كافة المعلومات النافعة عن حصون الإسكندرية، ولعل اهتمامه بذلك كان أشد من اهتمامه بمساعدة الإدارة المصرية في مختلف الشئون الصحية.

فتشكلت لجنة صحية جديدة رشح محمد علي ثلاثة من القناصل العموميين للاشتراك في أعمالها، ولكن لم يكن له حق الإشراف عليها باعتبار وظيفتهم، ثم نشأ الخلاف حول تشكيل اللجنة تشكيلا صحيحا، وكذلك بدأ الأطباء أنفسهم يتشككون في كفاية الفورنتينة كوسيلة لمنع العدوى ويرجحون أن الطاعون قد يمكن انتقاله بوسائل أخرى عدا الاحتكاك الشخصي؛ ولهذا رئي تخفيف وطأة النظام الصارم القديم تدريجيا إلى أن عدل عنه نهائيا، ولكن هذا يعتبر بمثابة دليل لا سبيل إلى إنكاره على رغبة الباشا لاقتباس الأساليب الأوروبية واتباع الإرشادات الأجنبية متى اقتنع أنها نافعة حقا.

وعلى أن فيما اتخذه من الوسائل لتشجيع التعليم وتعميمه المثل الباهر والبرهان القاطع على سياسته الإصلاحية؛ فلقد كانت القاهرة تعتبر أحد المراكز الكبرى للثقافة الإسلامية، وكان يهرع الطلبة من كافة العالم الإسلامي إلى الاغتراف من علوم جامعتها القديمة العظمى الممثلة في الجامع الأزهر، ولكن هذه الجامعة كانت متأخرة لا في نظامها فقط بل وفي علومها أيضا؛ فلقد كان كل همها إخراج علماء دينيين ومحامين شرعيين؛ أي لم تعن بتخريج رجال الأعمال أو الإدارة.

Bilinmeyen sayfa