ويتفاوت في التحريم. والمكروه كأشعار المولدين التي فيها الغزل والبطالة. والمباح كأشعار المولدين التي ليس فيها سخف ولا شيء مما يُكره ولا ما ينشِّط إلى الشر ولا ما يثبط عن الخير ولا ما يحث على خير أو يُستعان به عليه" (١).
فقد جعل النووي ﵀ تعلم العلوم العقلية الدنيوية البشرية النافعة من فروض الكفايات، وجعل لمن قام بفرض الكفاية مزية يختص بها، مع العلم أن لابن قيم الجوزية نقدًا لقسم فرض الكفاية يحتاج إلى تأمل إذ قال: "وأما فرض الكفاية -أي في العلم- فلا أعلم فيه ضابطًا صحيحًا؛ فإن كل أحد يُدخل في ذلك ما يظنه فرضًا، فيُدخل بعض الناس في ذلك علم الطب وعلم الحساب وعلم الهندسة والمساحة، وبعضهم يزيد على ذلك علم أصول الصناعة كالفلاحة والحياكة والحدادة والخياطة ونحوها، وبعضهم يزيد على ذلك علم المنطق. . . .". ومن اعتراضاته: "فلا فرض إلا ما فرضه الله ورسوله، فيا سبحان الله! هل فرض الله على كل مسلم أن يكون طبيبًا حجامًا حاسبًا مهندسًا؟!. . . . فإن فرض الكفاية كفرض العين في تعلقه بعموم المكلفين، وإنما يخالفه في سقوطه بفعل البعض. . . ." إلى آخر كلامه ﵀ (٢)، واعتراضه هنا إنما هو على جعلها فرض كفاية وليس اعتراضه على صحتها في ذاتها أو جواز تعلمها، وهو اعتراض وجيه، ومع ذلك فمن العلماء من جعلها فرض كفاية من جهة النظر في حاجة الناس إليها، ومعلوم أن هذه الحاجات معتبرة في الشرع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "فلهذا قال غير واحد من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم كأبي حامد الغزالي وأبي الفرج بن الجوزي وغيرهم: إن هذه الصناعات فرض على الكفاية؛ فإنه لا تتم مصلحة الناس إلا بها" (٣).
فهذا النوع إن لم يكن فرضًا من فروض الكفايات فهو جائز، ما لم يتعلق به ما يُفسد جوازه، كما أن الأمر يختلف بالنسبة إلى الدولة المسلمة، فما يجب في حقها قد لا يجب على الأفراد، فيجب على الدولة توفير الضروريات