وأتوا بإوزة وقطعوا رأسها، ثم وضعوا الرأس في ركن والجسم في ركن آخر، ووقف الساحر يتمتم بكلمات غامضة، فحدث ما يعد معجزة؛ إذ تحرك الرأس نحو الجسم، وسار الجسم ناحية الرأس، ثم التصقا ببعضهما كما كانا، وقامت الإوزة على قدميها أمام عرش الملك، ثم صاحت.
ثم أعاد ديدي التجربة على رأس ثور ضخم، ولما شاهد الملك ذلك قال للساحر: «وهل حقيقي تعرف سر منزل الرب؟» - «نعم؛ هذا صحيح، ولكني لست أنا الذي أستطيع أن أعلمك به.» - «إذن من الذي يستطيع؟» - «هو الولد الأكبر للسيدة «رد ديديت»، زوجة كاهن رع إله الشمس وقد وعده رع بأن أولاده الثلاثة سوف يحكمون مملكتكم.»
ولما سمع الملك هذه الجملة اضطرب قلبه، وظهرت على وجهه علامات القلق، فقال ديدي: «لا تضطرب أيها الملك؛ فسوف يحكم بعدك ابنك، وسوف يحكم بعده ابنه، ولكن بعد هذا الحفيد سيئول العرش إلى أحد الأبناء الثلاثة».
وأمر الملك بأن يقيم الساحر في القصر، وأن يقدم له يوميا مائة رغيف، ومائة إبريق من الجعة، وثور، ومائة بصلة.
ولما ولد الأولاد الثلاثة أرسل إليهم رع أربع ربات ليكن مربياتهم.
وقد جئن في لباس الراقصات المرتحلات، وجاء معهن رب في زي حمال، فلما ربين الأطفال الثلاثة قال لهن زوج رد ديديت: «أيتها السيدات، أي أجر تطلبن؟»
ثم أعطاهن أكياسا مملوءة شعيرا، وذهبن بعد أن أخذن أجرهن.
ولما بعدن مسافة قصيرة قالت رئيستهن وهي إيزيس: «لم لا نفاجئ الكاهن بأعجوبة؟» وعليه فقد صنعن تيجانا منها تاج مصر الأحمر، وتاجها الأبيض وأخفينها في كيس الشعير، ووضعنه في مخزن «رد ديديت»، وذهبن إلى حال سبيلهن.
وبعد مضي أسبوع - وكانت رد ديديت تصنع بيرة لأهل المنزل - أرسلت خادمة لها إلى المخزن؛ لتحضر كيسا مملوءا شعيرا. وذهبت الفتاة إلى المخزن، ولكنها لم تمكث فيه دقيقة حتى سمعت نغمات شجية وصوت غناء ورقص مما لا يسمع مثيله إلا في قصر الملك، فارتعبت الفتاة، ورجعت لسيدتها وأخبرتها بالأمر، ونزلت السيدة فسمعت الموسيقى الملكية، ولما حضر زوجها أخبرته عن قصة الغناء، وعلم من ذلك أن أولاده سيحكمون مصر، وقد باتت الأسرة هذه الليلة على أسعد ما يكون. وبعد مدة قصيرة من هذه الحادثة، بدا من تصرف الخادمة ما حمل سيدتها على طردها بعد ضرب موجع. وقالت الخادمة لخدم المنزل وهي تودعهم: «هل يصح أن تعاملني هذه المعاملة؟ لقد ولدت ملوكا، وسأنقل خبرهم إلى الملك خوفو.» وانصرفت إلى عمها، وأخبرته بما عقدت العزم على عمله، ولكنه غضب من ذلك، ولم يرض أن تخون الأطفال الأبرياء، وضربها بسوط ضربا أليما.
وتركت منزل عمها وهامت على وجهها، وبينما هي تسير على شاطئ النيل، ظهر تمساح فجأة وجذبها إليه، واختفى بها في الماء.
Bilinmeyen sayfa