Mısır'dan Nasır'a Kadar Savaş
مصر من ناصر إلى حرب
Türler
ص18:
التصريح بأن الأمريكيين كانوا يعرفون خطة العمليات العسكرية المصرية منذ شهر مايو من عام 1973م أمر جدير بالاعتبار. وفي معرض طرحه للمعلومات الخاصة بخطط العمليات العسكرية للعرب، بما في ذلك توقيت بدء هذه العمليات، وأنه كان معروفا من قبل الأمريكيين، ومن ثم الإسرائيليين. يختلط الأمر على هيكل على نحو ما عندما يقدم استنتاجاته. لماذا؟ لو أن هيكل التزم التفكير المنطقي لما فاتته الاستنتاجات المنطقية أيضا حول أن الأمور لم تكن جميعها على هذا النحو من الشفافية من الناحية السياسية لهذه القضية. هنا حاول هيكل بشكل ساذج تماما أن يجد مخرجا من هذا الموقف استنادا إلى تأكيدات الأمريكيين، على حد قوله، أنهم لا يصدقون خطط المصريين! هل صحيح أنهم لم يكونوا يصدقونها؟ أين هي إذن تلك الاتصالات الدائمة المزعومة بين أجهزة المخابرات المصرية والأمريكية التي تحدث عنها الكاتب مرارا، والتي لم تتوقف مطلقا حتى في وقت الحرب؟ إنه لأمر غريب ألا يكون الأمريكيون متأكدين آنذاك عبر هذه القنوات (وغيرها) من صحة «خطة بدر»؟
مما سبق نصل إلى ما يلي: كانت الولايات المتحدة الأمريكية على علم بخطة العمليات العسكرية المحتملة، وأنها، على الأرجح، قد أبلغت إسرائيل بها على أقل تقدير.
ص22:
كان هيكل على صواب من الناحية الشكلية؛ فقد أعلن السادات، بالفعل وبكل الوسائل، أن هذه «الحرب» هي، على حد قوله، عمل احترافي يختص به العسكريون، مثل كل عمل يمارسه أناس ملائمون للمهنة. وراء ذلك تواري مكر السادات البدائي؛ يتم إلقاء المسئولية على العسكريين في حالة فشل العملية، وقد كان مؤمنا بالفشل، ولم يكن السادات يتوقع مثل هذا النجاح العسكري الذي تم بالفعل، والذي كان مفاجأة للسادات أكثر من أي شخص آخر. كل الشواهد تؤكد ذلك. أما النتائج الإيجابية، فالرئيس دائما لديه القدرة على أن ينسبها لنفسه، وهو ما حدث في واقع الأمر. كان السادات حريصا على أن تنسب إليه كل الإيجابيات التي أدت إليها العمليات العسكرية، وأن يتم إبراز هذه المآثر العسكرية التي اجترحت لتضاف إلى حسابه. أما الفشل والأخطاء، وعلى وجه الدقة تلك الثغرة التي أحدثها الإسرائيليون لينفذوا منها إلى الضفة الغربية للقناة، فقد نسبت إلى .. رئيس الأركان الشاذلي. والسبب، على ما يبدو، أنه لم يكن مطلعا على دهاليز خطط السادات الفاسدة سياسيا ؛ ولذلك فقد قدم تقديرا بالوضع الحقيقي فيما يخص الاختراق الذي قام به الإسرائيليون. لقد كان هذا الرجل ببساطة هو الذي نقل خبر المصيبة؛ ولهذا كان من الطبيعي، من وجهة نظر السادات، أن يجعل الشاذلي «كبش فداء»، وهو ما تم بالفعل. فيما بعد تم تعيين الشاذلي .. سفيرا لمصر لدى إنجلترا.
ص24:
حجج السادات الغريبة (كما صورها هيكل): هل يبلغ السادات الاتحاد السوفييتي بموعد بدء العمليات العسكرية أم لا؟ لماذا لم يأت هيكل هنا على ذكر أمر آخر ولو مرة واحدة، تلك التأكيدات العديدة التي أعلنها السادات للزعماء السوفييت بأن مصر لن تبدأ الحرب دون تشاور مع الاتحاد السوفييتي (ناهيك عن الالتزام بإبلاغه بذلك بموجب معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين). يرجع قرار السادات بعدم إبلاغ الاتحاد السوفييتي لأسباب بعيدة كل البعد عن السياسة النزيهة تجاه الاتحاد السوفييتي. يمكن أن نفترض أن السادات كان يدرك أنه بعدم إبلاغه الاتحاد السوفييتي فهو لن يحسن، على أية حال، من علاقاته به، بل على العكس من ذلك، كان يعرف أن هذه الخطوة لن تجد ترحيبا من جانب الاتحاد السوفييتي، ومن الواضح أن السادات لم يكن ليعبأ برد الفعل السلبي للاتحاد السوفييتي (مخالفة شروط معاهدة الصداقة، العواقب المجهولة بالنسبة للعالم العربي، التسوية الشاملة، قضية الانفراج في العلاقات السوفييتية الأمريكية، وهلم جرا).
ينبغي أيضا أن نفترض أن السادات كان يعول على رد الفعل السلبي من جانب الاتحاد السوفييتي، ومن ثم فقد كان السادات بحاجة إلى هذا الأمر. لماذا؟ بالطبع ليس من أجل التقارب مع الاتحاد السوفييتي، الذي كان على مصر أن تعتمد عليه إبان العمليات العسكرية. إن هذه اللفتة العدائية تجاه الاتحاد السوفييتي كانت، في الوقت نفسه، بمثابة لفتة ودية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية (لنتذكر الاتصالات المصرية الأمريكية المستمرة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على علم بخطة العمليات العسكرية المصرية).
من هنا كان قرار السادات عدم إبلاغ الاتحاد السوفييتي بموعد بدء العمليات العسكرية استعراضا وديا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية التي «قدرت» في حينه هذا النوع من «حسن السلوك».
كان على هيكل أن يكتب تحديدا عن هذا الأمر، بدلا من الحديث عن المبررات التي لا وزن لها، والتي زعم أن السادات عكف عليها وهو يبحث مسألة هل عليه أن يخبر الاتحاد السوفييتي أم لا يخبره.
Bilinmeyen sayfa