Mısır'dan Nasır'a Kadar Savaş
مصر من ناصر إلى حرب
Türler
قلت لفهمي إن الصيغة الجديدة تغير جوهر القضية، وإنني لا أستطيع الموافقة عليها. وأكدت له أن من الضروري، أولا وقبل كل شيء، أن أعرف رأي الفلسطينيين فيها.
راح إسماعيل فهمي يؤكد بحماس أنه اتفق شخصيا مع الفلسطينيين بشأنها ومع المشاركين الآخرين في المؤتمر. كانت هذه هي المسألة الأخيرة التي تأخر بسببها إرسال الدعوة الرسمية للدول المشاركة في المؤتمر (فيما بعد أخبرني الفلسطينيون أن المصريين لم يعقدوا معهم أي اتفاق).
كان من المقرر أن يعقد المؤتمر في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1973م في قصر الأمم بجينيف، وقد تمت دعوة الدول المشاركة في الصراع: مصر، سوريا، الأردن، إسرائيل، ورأس المؤتمر كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، وعقد تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة التي ساعدت في تنظيمه وتمويله.
فوجئت عشية مغادرتي للقاهرة بخبر امتناع سوريا عن المشاركة في المؤتمر، وذلك بعد زيارة كيسينجر مباشرة لدمشق. وقد تعامل إسماعيل فهمي مع هذا الخبر بلا مبالاة. كثيرا ما تراودني فكرة كيف أمكن أن يحدث ذلك، وفي هذا السياق أتساءل لماذا راح كيسينجر يردد مرارا (على مسامع نفس الأشخاص على نحو ساخر)، كيف أن الرئيس الأسد أخبره فجأة أثناء حديثه معه أن سوريا، ودون إبداء الأسباب، لن تشارك في المؤتمر. كما أن كيسينجر نفسه لم يوضح موقفه من هذا الأمر، وإن لم يلق باللوم على أية حال على السوريين، وكان واضحا أنه سعيد بذلك.
في التاسع عشر من ديسمبر سافرنا من القاهرة إلى جينيف على طائرة شركة مصر للطيران بدعوة من إسماعيل فهمي بصحبة الوفد المصري كاملا، بالإضافة إلى مجموعة من المراسلين الأجانب المعتمدين.
شد انتباهنا في مطار جينيف ما رأيناه من إجراءات أمنية صارمة شملت دوريات عسكرية ومئات من أفراد الشرطة مسلحين بالرشاشات، فضلا عن وجود الاستحكامات حول المطار والتصاريح الخاصة. وفي نفس هذا اليوم وصل إلى جينيف وزير خارجية الاتحاد السوفييتي أندريه جروميكو. وبعده وصل الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، ثم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسينجر ووزير خارجية إسرائيل أبا إيبان ورئيس وزراء الأردن زيد الرفاعي.
في مساء اليوم التالي، التقيت كيسينجر الذي أفاد بأن لديه «خطة» لخصها على النحو التالي: حيث إن انتخابات الكنيست ستجري في إسرائيل في الحادي والثلاثين من ديسمبر، فسيكون من «الصعب» على الإسرائيليين الدخول في مفاوضات قبيل تشكيل الحكومة الجديدة، ومن ثم يمكن افتتاح أعمال المؤتمر في الحادي والعشرين من ديسمبر ثم يتفرق الجميع عائدين إلى بلادهم، على أن يعود رؤساء المؤتمر المشاركون (السفيران فينوجرادوف والأمريكي بانكر) إلى جينيف في السابع من يناير، وعندئذ يمكن العودة لأعمال المؤتمر في الخامس عشر من يناير.
اعترض أندريه جروميكو على كيسينجر قائلا إننا اجتمعنا في جينيف لا للاحتفال وإنما للعمل. ينبغي على المؤتمر ألا يقطع أعماله، وإنما عليه أن يواصلها، فإذا لم يحدث ذلك على مستوى الجلسات العامة، فليكن على مستوى مجموعات العمل. باختصار، على المؤتمر أن يواصل العمل سياسيا وقانونيا. ومع هذا لم يوافق كيسينجر. وقد اتضح فيما بعد أن الأمر كله كان حيلة.
جاء الحادي والعشرون من ديسمبر، موعد افتتاح المؤتمر، يوما تاريخيا. للمرة الأولى يجتمع ممثلو هذه البلاد في مؤتمر واحد، مؤتمر بإمكانه أن يحمل السلام إلى الشرق الأوسط، وهو ما كنا نتمناه بشدة. كان الوضع مبشرا أكثر من أي وقت مضى. ها هم العرب والإسرائيليون يلتقون معا أخيرا خلف طاولة المفاوضات، على الرغم من أن لدى كل منهما وجهة نظر تختلف عن الآخر. لكن هذه الصعوبة يمكن التغلب عليها من ناحية المبدأ إذا وجدت الرغبة في تحقيق السلام، وإذا صدقت النية في تقديم الدعم لتحقيقها، وهي إحدى المهام التي تقع على عاتق الدولتين العظميين، والتي ترتفع إلى مستوى المسئولية التاريخية الكبرى. ترى هل يفكر المشاركون في المؤتمر جميعهم على هذا النحو الذي يفكر به ممثلو الاتحاد السوفييتي؟ هل يريد الجميع الوصول في نهاية المؤتمر إلى سلام عادل؟
وصل كورت فالدهايم قبل افتتاح المؤتمر. تناقشنا معه بخصوص ترتيب جلوس المشاركين حول طاولة المفاوضات في قاعة الاجتماعات، واتفقنا على طريقتين؛ الأولى وتخضع للتسلسل الأبجدي، فيجلس الأمين العام للأمم المتحدة في المنتصف وعلى يمينه الاتحاد السوفييتي، وعلى يساره الولايات المتحدة، ومن عندها في اتجاه عقارب الساعة سوريا، إسرائيل، الأردن، مصر. أما الطريقة الثانية فسياسية وفي اتجاه عقارب الساعة أيضا، فيلي الولايات المتحدة إسرائيل، الأردن، سوريا ثم مصر.
Bilinmeyen sayfa