Mısır Hidivi İsmail Dönemi
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Türler
ولكن (إسماعيل)، قبل زيادة أي شيء فيها أو تعديله، رأى أن يعيد فك زمام القطر كله، ويروكه روكا جديدا؛ لكيلا يقع على أحد حيف بسبب ربط الضرائب الجديدة؛ لأنه كان يحدث كثيرا، في تلك الأيام، أن ذوي الجشع من القابضين على القوة الإدارية، وسواهم من ذوي الجاه كانوا يغتصبون أملاك صغار المزارعين، ويضعون أيديهم عليها، ولكن بدون نقل تكليفها إلى أسمائهم: فيستمتعون بغلائها، ويستمر الفلاحون، أصحابها الأصليون، يطالبون بأموالها ويجبرون على دفعها.
فصدرت الأوامر، إذا، إلى مشايخ البلاد وعمدها، بالاجتماع في المراكز، وتعيين مندوبين من قبلهم يكلفون بتقديم بيان واف إلى المديرين عن زمام الأطيان التابعة لدائرة نواحيهم، وكشف بأسماء ملاكها الحقيقيين، لكي تتمكن الحكومة من ربط الضرائب عليها، على نسبة ما هي عليه من الجودة، وتحصيلها ممن هو ملزم بدفعها في الواقع.
وكانت الأطيان المزروعة كلها تنقسم إلى قسمين: «خراجية» و«عشورية».
أما «الخراجية»، فهي التي آلت ملكيتها إلى أصحابها بموجب الأمر الذي قلنا إن (سعيد باشا) أصدره بأن تكلف الأطيان على أسماء المشتغلين فيها.
وأما «العشورية»، فهي الأطيان المعروفة بالأباعد والوسيات، وهي التي أنعم بها على أصحابها ليفلحوها في مقابل إعفائهم من دفع أموال عليها، مدة معينة؛ ومقابل ربط أموال يسيرة عليها، بعد انقضاء تلك المدة - وكان المنعمون بها يشترطون، في بادئ الأمر، نظير هذا الإعفاء، عودتها إلى الحكومة عند موت من وهبت إليهم، ولكن هذا الشرط أهمل فيما بعد؛ وأصبحت الأطيان العشورية تورث كالأطيان الخراجية، وقد بلغ مقدارها في أواخر أيام (إسماعيل) مليونا ومائتين وخمسين ألف فدان.
فلما تم روك البلاد، جعل متوسط ما ربط على الفدان من الطين الخراجي مائة قرش وعشرة؛ ومتوسط ما ربط على الفدان من الطين العشوري خمسة وثلاثين قرشا؛ علاوة على ريال أضيف إلى مال كلا الصنفين من الأطيان للقيام بأعمال الري وحفظ الترع والجسور.
فلا نزاع في أن هذه الفئات لم تكن لتتعب الفلاحة أو ترهقها؛ وأن أقصى ما كان يؤخذ عليها هو عدم مساواة الأطيان العشورية بالأطيان الخراجية فيها، مع أن معظم الأطيان العشورية كان لا يقل جودة عن مثله من الأطيان الخراجية.
ولكنه يجب ألا يغيب عن الأذهان:
أولا:
أن الفرق في المعاملة كان نتيجة تعهدات سابقة بين طرفين، لم يكن إلى نقضها من سبيل إلا باتفاق هذين الطرفين معا، أي الحكومة وأصحاب الأطيان العشورية عينها.
Bilinmeyen sayfa