Mısır Hidivi İsmail Dönemi
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Türler
فهاج هذا الأمر ثورة الغضب والحمية في صدر الجنرال كليبر، فأرسل إلى الصدر الأعظم يوسف باشا يأمره بإعادة البلاد إلى الفرنساويين والارتداد إلى سوريا - وكان يوسف باشا قد بلغ بجيشه العثماني المطرية وعسكر فيها - فأبى يوسف باشا إلا استمرار الزحف إلى القاهرة.
فخرج الجنرال كليبر إليه بعشرة آلاف فرنساوي وهزمه هزيمة مخجلة في عين شمس، وعاد واسترد القطر كله.
ولكن سليمان الحلبي ما لبث أن قتله في 14 يونية سنة 1800؛ فآلت القيادة إلى الجنرال منيو - وكان قد اعتنق الإسلام وتسمى عبد الله، ولم يكن من الدراية بأمور الحرب على شيء.
فاغتنمتها إنجلترا فرصة وأرسلت حملة إنجليزية تحت قيادة الجنرال آبر كرمبي لإخراج الفرنساويين من مصر، فتحارب الجيشان الغربيان في ضواحي الإسكندرية - ما بين سيدي جابر والمعمورة - وانجلت المعركة عن فوز الإنجليز وقتل قائدهم، فارتد الفرنساويون إلى الإسكندرية وتحصنوا فيها، وخلف الجنرال هتشنسن القائد المقتول، فغمر الأرض حول الإسكندرية بالمياه بكسره سد أبي قير، وزحف بمعظم جيشه إلى العاصمة، وبعد مناوشات ووقائع صغيرة وحصارات لا داعي إلى ذكرها في هذه النبذة، انتهى الأمر بانجلاء الجيش الفرنساوي عن مصر على قاعدة معاهدة العريش.
فأراد الأمراء المماليك - على ما أوجدته في طائفتهم من ضعف عظيم حروبهم مع الفرنساويين - العود إلى الاستقلال بأحكام البلاد، وأرادت الدولة العثمانية استئصال شأفتهم ليستقيم لها عود الحكم في مصر أسوة بباقي المماليك الشاهانية.
فقام إذا نزاع عنيف وقتال مخيف بين الولاة المعينين على مصر من لدن الدولة العثمانية والأمراء المماليك، ودارت الحرب بينهم سجالا.
وكان قد حضر إلى مصر الجيش العثماني المكلف بمهمة إخراج الفرنساويين منها رجل مكدوني من أهل قولة يقال له: (محمد علي)؛ فاغتنم فرصة ذلك النزاع وأخذ يتقدم على أكتاف الولاة تارة وطورا على أكتاف المماليك، حتى أصبح من كبار زعماء الجنود، فشرع حينذاك يعمل في الخفاء على إسقاط الولاة ويقاتل المماليك جهارا حتى آل به الأمر إلى تهشيم مراكز الفريقين وفل كلمتهم، فأجمع العلماء وشعب القاهرة على اختياره أميرا على مصر في 14 مايو سنة 1805؛ وعضدهم في ذلك الجنرال سيبستياني السفير الفرنساوي في الأستانة عملا بتوصية القنصل الفرنساوي بمصر المدعو ماتييه دي لسبس، والد فردينان دي لسبس صاحب قناة السويس.
فأقرت الأستانة محمدا عليا واليا على القطر في 9 يولية سنة 1805، فما تواني لحظة في تثبيت مركزه ضد دسائس تركيا، ومساعي الإنجليز وعدائهم، وتمردات الجنود وبأس المماليك، والاحتياج إلى المال حتى انتهى به الكفاح، بعد عناء شديد، إلى الفوز التام، فوطد قدميه نهائيا على السدة المصرية؛ وقهر الإنجليز وأجلى عن البلاد حملة أرسلوها إليها في سنة 1807؛ وأفنى الجنود غير النظامية في حروب أرسلها إليها في البلاد العربية لمقاتلة الوهابيين، وفي السودان للبحث عن مناجم ذهب وجلب السود؛ وفرغ من أمر المماليك بالمكيدة الهائلة التي دبرها لهم وجزرهم فيها بالقلعة يوم أول مارس سنة 1811؛ وعالج مسألة المال معالجة قطعية بأن استولى شيئا فشيئا على جميع موارد الرزق في البلاد وعلى أطيان القطر برمتها.
حينذاك أقبل ينشئ من مصر دولة حديثة وأمة شابة جديدة، ولكنه أدرك بأن ذلك لن يتسنى له إلا إذا جمع على ولائه عواطف العالم الإسلامي، وإلا إذا نقل البلاد - ولو بعنف - من البيئة التي بنت القرون المنصرمة جدرانها حولها، إلى بيئة جديدة تكون مصطبغة القاعدة والجدران بصبغة المدنية الغربية، اصطباغا متفقا مع روح الإسلام.
فلجمع عواطف الإسلام على ولائه هب يقضي على الوهابيين قضاء مبرما - والعالم الإسلامي كان يعتبرهم خوارج ومنشقين - وهب ينجد الدولة العثمانية المسلمة على إخماد ثورة اليونان المسيحيين، فأفلح في الأمرين.
Bilinmeyen sayfa