332

Mısır Hidivi İsmail Dönemi

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Türler

وكانت العادة أن الامتحانات في رأس كل ثلاثة شهور، ومع ذلك كان يلتفت للدروس التي تعطيها «الخوجات»، فأثمر الحفظ معه ثمرة كبيرة، وصار أول الرسالة كلها بالتبادل مع حماد بك، وعلي إبراهيم باشا.

ولما حضر إلى مدينة باريس الأمير (إبراهيم) سر عسكر الديار المصرية، حضر امتحانهم هو وسر عسكر الديار الفرنساوية، مع ابن الملك لويس فيليب، وأعيان فرنسا، وجملة من مشاهير النساء الكبار، فأثنى الجميع عليهم الثناء الجميل، وفرقت المكافآت عليهم الثلاثة، فناول الأمير (إبراهيم) الشاب عليا مكافأة بيده - وهي المكافأة الثانية - وكانت نسخة من كتاب جغرافيا مالطبرون الفرنساوي، بأطلسها، ودعوا للأكل معه.

وبعد سنتين، تعين الثلاثة الأول من الفرقة، وهم صاحب الترجمة، وحماد بك، وعلي إبراهيم باشا إلى مدرسة الطوبجية والهندسة الحربية بناحية متس، وأعطوا رتبة الملازم الثاني.

فأقاموا بها سنتين أيضا، وتعلموا فيها فن الاستحكامات الخفيفة، والاستحكامات الثقيلة، والعمارات المائية، والهوائية، عسكرية ومدنية، والألغام، وفن الحرب، وما يلحق به، مع إعادة عامة لكل ما سبق تعليمهم إياه، بتلخيص من المعلمين، في عبارات وجيزة جامعة، ثم تفرقوا إلى الآلايات، فكان علي في الآلاي الثالث من المهندسين الحربيين، وأقام فيه أقل من سنة.

وكان الأمير (إبراهيم) الهمام يود إقامتهم في العسكرية، حتى يستوفوا فوائدها، ثم يسيحوا في الديار الأوروبية، ليشاهدوا الأعمال، ويطبقوا العلم على العمل، مع كشف حقائق أحوال تلك البلاد، وأوضاعها، وعاداتها.

ولكنه توفي، وتولى (عباس) في سنة 1866، فأمر بعودة الرسالة إلى مصر، وكان على علي دين لبعض الإفرنج نحو الستمائة فرنك، وكانت الأوامر المقررة أن لا يسافر أحد إلا بعد وفاء دينه، وأن من يأتي إلى مصر مدينا يوضع في الليمان.

فوقع في أمر خطير، وبقي متحيرا، وطلب من رفقته أن يسلفوه، فقالوا: «ما عندنا ما نسلفك إياه»، وعلي يعلم تيسر بعضهم واقتدارهم، فقعد في محل إقامته يفكر فيما يصنع، وإذا بصاحب له من الإفرنج دخل عليه يدعوه للأكل عنده، حيث إنه مسافر، فوجد حاله غير ما يعهد، فسأله، فأخبره، فقال: «لا تحزن، قل يا سيدي يا بدوي، يا من تجيب الأسير، خلصني مما أنا فيه.» فقال له: «ليس الوقت وقت هزل!» فقال: «هذا أمر هين لا يهمك.» ثم ذهب، فغاب قليلا، ورجع إليه بكيس رماه أمامه، فإذا فيه قدر الدين مرتين، وقال له: «بعد استقرارك بمصر، وتيسر أمرك ترسل إلي وفاءه.» ولم يأخذ منه سندا بوصول المبلغ، وقال: «أنا أكتفي بالقول منك.» وقد كان، فإن عليا أرسل إليه المال على يد قنصل فرنسا بعد مدة.

ولما جاء إلى مصر، مكث هو ورفاقه جملة أيام لا يدرون ما يفعل بهم، ثم عين صاحب الترجمة خوجة بمدرسة طرة، ولم يكن عنده في فرقته، بعد فرز تلامذة المدارس، وتشكيل مدرسة المفروزة، سوى تلميذ واحد متقدم في السن، ومع ذلك اشتغل بما نيط به بإخلاص.

وفي تلك المدة تأهل بكريمة معلمه في الرسم بمدرسة أبي زعبل - وكان أبوها قد مات، وصارت إلى حالة فقر، فتزوج بها لما كان لوالدها عليه من حق التربية والمعروف.

ثم اصطحبه سليمان باشا في مأمورية استكشاف البحيرة والسواحل، فلما كانوا بدمياط انفصل علي عنه في جهة من المأمورية، وبعد أن أداها، ذهب إلى برنبال - وكان أهله قد عادوا إليها - فوجد أن أباه سافر إلى مصر لزيارته، ولم يجد في المنزل إلا والدته وبعض إخوته.

Bilinmeyen sayfa