وتاريخه الحديث يبدأ بظهور الإسلام ولا يزال. ثم إن تاريخ الإسلام ينقسم إلى عصور سيأتي بيانها.
أما تاريخ الغرب القديم فيبدأ من أول تمدنه نحو القرن الخامس عشر قبل الميلاد في بلاد اليونان. وقد اقتبس أصول تمدنه من أمم الشرق القديمة في مصر وفينيقية وبابل وغيرها، وينتهي بسقوط رومية سنة 476م. وسبب انقضائه، هجوم البربر، بدو شمال أوربا «قبائل الجرمان» على المملكة الرومانية. وفي أثنائه دخل الشرق في أجياله الوسطى بسقوط دولة الفرس، كما تقدم.
وتاريخ الغرب الأوسط هو عصر الظلمة أو القرون الوسطى في أوربا. يبدأ بسقوط رومية، وتسلط البربر إلى بزوغ نور التمدن الحديث بعد اكتشاف أميركا سنة 1492م. وقد أغفل فيه الغربيون علوم أسلافهم اليونان. ونهض الشرق في أثنائه من عصوره المظلمة بظهور الإسلام وقيام دولة العرب، فأخذوا تلك العلوم وترجموها.
فتاريخ الإسلام هو تاريخ الشرق الحديث، وبه نهض الشرق من غفلته واستعاد رونقه ومجده، وامتد سلطان المسلمين على أضعاف ممالك أسلافهم الشرقيين، وخفقت أعلامهم على مماليك الفراعنة والفينيقيين والآشوريين والبابليين والفرس والأرمن والهند والترك والمغول والمغاربة وسائر بلاد المشرق، وقسم من أوربا؛ في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، مما لم يسبق له مثيل. (3) أقسام تاريخ الإسلام
يقسم تاريخ الإسلام إلى خمسة أعصر: (1) «عصر التكون والنمو»: من ظهور الإسلام إلى آخر الدولة الأموية بالشام وهو عصر الفتوح في الدولتين، أو العصر العربي. (2) «عصر البلوغ»: من أول الدولة العباسية 132ه إلى تغلب الجند التركي سنة 222 للهجرة. وهو يشتمل على إبان الدولة العباسية، وفيه نشأ الأدب، ونقلت علوم القدماء إلى العربية . وهو عصر الإسلام الذهبي، ويعرف بالعصر الفارسي؛ لأن الدولة فيه كانت بأيدي الوزراء الفرس. (3) «عصر التفرع والتشعب»: من تسلط الأتراك إلى سقوط بغداد. وفيه تفرعت هذه الدولة إلى دول من أمم مختلفة في أنحاء مختلفة. ونشأت دول جديدة كدولة الفاطميين بمصر والأمويين بالأندلس والسلاجقة في الشام وغيرها. ونشأت سائر دول الأتراك والأكراد والفرس وغيرهم. (4) «القرون الإسلامية الوسطى»: من سقوط بغداد إلى أوائل القرن التاسع عشر. (5) «النهضة الأخيرة»: من أوائل القرن الماضي، ولا تزال. وهي مقتبسة من تمدن الغرب الحديث.
ويقسم التاريخ على الإجمال أيضا إلى عام وخاص. والعام يتضمن تاريخ البشر عموما. والخاص يشمل التاريخ الخاص المتعلق بموضوع واحد؛ كتاريخ أمة، أو مملكة، أو ولاية، أو مدينة أو دولة أو عائلة أو شخص. والمتعلق بشخص واحد يسمى ترجمة، أو سيرة، أو حادثة مأثورة؛ كتاريخ الإخلاص، ومذبحة المماليك، وحادثة عرابي، وظهور المتمهدي، ونحو ذلك.
ويسمى التاريخ الخصوصي بأسماء تختلف باختلاف موضوعه؛ كتاريخ الكنيسة والتاريخ السياسي والشرعي والقضائي والتجاري والأدبي والعلمي ونحو ذلك.
مزايا التاريخ الإسلامي على سائر التواريخ
فتاريخ الإسلام من التواريخ الخاصة المتعلقة بالأمم أو الدول؛ لأن المراد بها ذكر حوادث الأمة الإسلامية أو الدولة الإسلامية، ومقابلة تاريخ الرومان أو اليونان أو الفرس ونحوهم، لكنه يمتاز عنها بأمور جديرة بالاعتبار، أهمها: (6)
أن تاريخ الإسلام حلقة موصلة بين الشرق والغرب؛ لأنه بامتداد أصحابه إلى أقصى الشرق وإلى أقصى الغرب تمكنوا من الوصل بينهما. وهو أيضا حلقة موصلة بين التمدن الغربي القديم، والتمدن الغربي الحديث؛ لأنه حفظ ما توالى على عوامل التمدن الغربي القديم من التغيير أو التحوير في العلوم الفلسفية والطب مما اشتغل به المسلمون في أثناء تمدنهم، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بتاريخ الإسلام. (7)
Bilinmeyen sayfa