ولكن الشبان نجحوا في التغلب على آلام الانتظار. وفجأني منصور باهي قائلا: إني أعرف من تاريخك الشيء الكثير.
اجتاحني فرح صبياني كأنما رددت إلى فترة من فترات الشباب، فمضى يفسر قوله: راجعت الصحف القديمة مرات وأنا بصدد إعداد برنامج إذاعي.
تطلعت إليه مستزيدا في اهتمام فقال: تاريخ طويل حقا، أسهمت بقدر ملحوظ في شتى تياراته، حزب الأمة، الحزب الوطني، الوفد، الثورة.
قبضت على الفرصة بجنون، مضيت به إلى رحلة في رحاب التاريخ، نوهت بمواقف لا يجوز أن تنسى، استعرضنا الأحزاب؛ حزب الأمة ما له وما عليه، والحزب الوطني ما له وما عليه، والوفد وحله للمتناقضات القديمة وقاعدته الشعبية من الطلبة والعمال والفلاحين، لماذا جنحت بعد ذلك للاستقلال، ثم لماذا أيدت الثورة. - ولكنك لم تهتم بالمشكلة الاجتماعية الجوهرية.
فقلت ضاحكا: لقد نشأت عهدا بالأزهر فلم يكن غريبا أن أعمل كمأذون شرعي رسالته في الحياة أن يوفق بين الشرق والغرب في الحلال! - أليس غريبا أن تحمل على النقيضين معا، أعني الإخوان والشيوعيين؟ - كلا، كانت فترة حيرة، ثم جاءت الثورة لتمتص خير ما فيهما معا. - إذن فقد انتهت حيرتك؟
أجبت بالإيجاب. ثم تذكرت حيرتي الخاصة التي لا تحل بحزب أو ثورة فرددت في نفسي الدعاء الذي لا يدري به أحد.
وآن الأوان فدفعت بقاربي المضطرب إلى بحر الأنغام والطرب. نشدته أن يكون من الأعضاء المتنافرة المتناحرة جسما ينبض بالروح والانسجام. نشدته أن يعلمني التوافق والتوازن في بناء ترعاه عين الحب والسلام. أن يصهر عذاباتي في نغمة تنعش القلب والعقل بجمال البصيرة. أن يسكب الشهد المصفى على عناد الوجود. •••
ألم تسمع بالخبر العجيب؟ .. لقد اجتمع مجلس النظار أمس بعوامة منيرة المهدية. ••• - شبان ظرفاء وأغنياء!
هكذا جعلت تردد ماريانا، وقد زادت أعباء زهرة ولكنها حملتها بهمة عالية حقا. أما طلبة مرزوق فراح يقول: إني لا أطمئن إلى أحد منهم.
فسألته ماريانا: ولا حسني علام؟
Bilinmeyen sayfa