فدل هذا أن المراد من قوله: (وغسل من أسلم مستحب) أن يكون الكافر عند الإسلام طاهر. فافهم.
قوله: (ونواقض الوضوء) لما فرغ عن بيان الطهارتين بأحكامهما، شرع في بيان ما ينقض الوضوء وما لا ينقض.
والنواقض جمع ناقضة، والنقض إذا أضيف إلى الأجسام: يراد به إبطال تأليفها، وإذا أضيف إلى غيرها: يراد به إخراجه عما هو المطلوب، فالمطلوب من الوضوء استباحة الصلاة.
قوله: (كل ما خرج من السبيلين) وهما القبل والدبر، فإن قلت: كل ما خرج من السبيلين: عين، وهي لا تصلح للعلية، لأن العلة معنى يحل بالمحل فيتغير به حال المحل، فكيف يستقيم قوله: (ونواقض الوضوء كل ما خرج من السبيلين)؟
قلت: تقدير كلامه: خروج كل ما خرج، ليقع التطابق بين العلة والمعلول، فافهم.
والمراد من السبيلين: القبل والدبر كما قلنا، والخارج منهما: يتناول البول والغائط، والودي، والمذي، والدودة، والحصاة، والريح الخارج من الدبر، لا الذكر، وقيل: المرأة إذا كانت مفضاة: وهي التي اتحد مسلك بولها وغائطها.
فإن قلت: من أين تقول أن المراد من السبيلين ها هنا القبل والدبر، وهما متناولان غيرهما من حيث اللغة؟
قلت: نعم، وإن كانا يتناولان غيرهما من حيث اللغة، لكنهما يطلقان على سبيل الحدث لا غير، بالحقيقة العرفية الخاصة، حتى لا ينقض الوضوء بخروج الدمع والعرق واللبن، وإن كان يجوز أن يقال: إنه خارج من سبيل.
قوله: (والدم والقيح والصديد السائل بغير عصر إلى محل الطهارة) قيد بقوله: (السائر) لأنه إذا ظهر ولم يسل: لا ينقض الوضوء، لأنه يسمى باديًا لا خارجًا، والنقض يضاف إلى السيلان، لقوله ﵇ "الوضوء من كل دم سائل" وقيد بقوله: (بغير
1 / 63