صاحب الدار لمن بحضرته من الموحدين: إنما بعثت لهذا الرجل وسألته لأعرفكم قدر ما أنتم فيه من نعمة الإسلام. أو كلامًا نحو هذا.
وباب تصرف المشايخ والأولياء قد اتسع حتى سلكه جمهور من يدعي الإسلام من أهل البسيطة. وخرقه قد هلك في بحاره أكثر من سكن الغبراء وأظلته المحيطة حتى نسي القصد الأول من التشفع والوساطة، فلا يعرج عليه عندهم إلا من نسي عهود الحمى. وقد ذكر هذا شيخ الإسلام في منهاجه عن غلاة الرافضة في علي، فعاد الأمر إلى الشرك في توحيد الربوبية والتدبير والتأثير، ولم يبلغ شرك الجاهلية الأولى إلى هذه الغاية، بل ذكر الله جل ذكره أنهم كانوا يعترفون له بتوحيد الربوبية ويقرون به، ولذلك احتج عليهم في غير موضع من كتابه بما أقروا به من الربوبية والتدبير على ما أنكروه من الإلهية.
ومن ذلك - وهو من عجيب أمرهم - ما ذكره حسين بن محمد النعمي اليمني في بعض رسائله: أن امرأة كف بصرها فنادت وليها: أما الله فقد صنع ما ترى، ولم يبق إلا حسابك. انتهى.
وحدثني سعد بن عبد الله بن سرور الهاشمي ﵀ أن بعض المغاربة قدموا مصر يريدون الحجّ، فذهبوا إلى الضريح المنسوب إلى الحسين ﵁ بالقاهرة فاستقبلوا القبر وأحرموا ووقفوا وركعوا وسجدوا لصاحب القبر حتى أنكر عليهم سدنة المشهد وبعض الحاضرين، فقالوا: هذا محبة في سيدنا الحسين. وذكر بعض المؤلفين من أهل اليمن أن مثل هذا واقع عندهم.
وقد حدثني الشيخ خليل الرشيدي بالجامع الأزهر أن بعض أعيان المدرسين هناك قال: لا يدق وتد في القاهرة إلا بإذن أحمد البدوي. قال: فقلت له: هذا لا يكون إلا لله - أو كلامًا نحو هذا ـ. فقال: حبي في سيدي أحمد اقتضى هذا. وحكي أن رجلًا يأل الآخر: كيف رأيت الجمع
1 / 53