Temel Kurma ve Kutsama Yolu
منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس
Yayıncı
دار الهداية للطبع والنشر والترجمة
Türler
İnançlar ve Mezhepler
في الجنة ". وأما القبور فقد ورد نهيه ﷺ عن اتخاذها مساجد، ولعن من يفعل ذلك، وقد ذكره غير واحد من الصحابة والتابعين، وما ذكره البخارى في صحيحه والطبرى وغيره في تفاسيرهم، وذكره وَثِيمَة وغيره في قصص الأنبياء في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: ٢٣]، قالوا: "هذه أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد فاتخذوا تماثليهم أصنامًا ". والعكوف على القبور والتمسح بها وتقبيلها والدعاء عندها وفيها ونحو ذلك هو أصل الشرك وعبادة الأوثان؛ ولهذا قال ﷺ: " اللهم لا تجعل قبرى وثنًا يعبد ".
ولهذا اتفق العلماء على أن من زار قبر النبي ﷺ أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين الصحابة وأهل البيت وغيرهم على ألا يتمسح به، ولا يقبله، بل ليس في الدين ما شرع تقبيله إلا الحجر الأسود. وقد ثبت في الصحيحين: أن عمر بن الخطّاب ﵁ قال: "والله، إنى لأعلم أنك حَجَر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت الرّسول يُقَبِّلك ما قَبَّلتك ".
ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركنى البيت اللذين يليان الحجر ولا جدران البيت، ولا مقام إبراهيم، ولا صخرة بيت المقدس، ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين، حتى تنازع الفقهاء في وضع اليد على منبر النبي ﷺ لما كان موجودًا، فكرهه مالك ﵀ وغيره؛ لأنه بدعة، وذكر أن مالكا لما رأى عطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم، ورخص فيه أحمد وغيره؛ لأن ابن عمر فعله. وأما التمسح بقبر النبي ﷺ وتقبيله فكلهم كره ذلك ونهى عنه؛ وذلك أنهم علموا ما قصده النبي ﷺ من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين.
وهذا مما يظهر منه الفرق بين سؤال النبي ﷺ والرجل الصالح في حياته، وبين سؤاله بعد موته وفي مغيبه؛ وذلك أنه في حياته لا يعبده أحد إذا كان في حضوره، فإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والصالحين لا يتركون أحدًا يتبرك بهم بحضورهم، بل ينهونهم عن ذلك، ويعاقبونهم عليه، ولهذا قال المسيح ﵇: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا
1 / 182