وكان الخضر (عليه السلام) في أفعاله تلك محقا، وكان موسى (عليه السلام) في إنكاره ذلك محقا، ولم يكن لموسى أن يخطئ الخضر فيما أتاه؛ ولكن ينكر عليه أن يظهر ما أتاه من المحجورات عنده في حكم دينه الذي تعبده الله به، ولم يكن ليفعل كفعله، ولا يعمل كأعماله؛ حتى يحدث لموسى في ذلك علم؛ كما حدث للخضر (عليهما السلام)، والقول في هذا بين واضح إن شاء الله.
فكل ما أثر في الكتب: فهو أثر، والحق منه حق، والباطل منه باطل، والصدق منه صدق، والكذب منه كذب.
لا يجوز قبول الباطل من الكتب؛ كما لا يجوز قبول الباطل من الكلام المسموع، ولا يجوز رد الحق من الكلام المسموع، ولا يجوز الشك فيما لا يجوز الشك فيه؛ مما يسع جهله، كما لا يجوز الشك فيه مما لا يسع جهله، ولا يجوز رد الحق منه كما لا يجوز الشك فيه فيما لا يسمع من الخير المسموع وأصل ذلك، وأثبته، وأقواه - ما صح من تنزيل الله تبارك وتعالي على أنبيائه ورسله صفحا مكتوبة، وألواحا؛ فكان ذلك حجة عليهم ولهم على قومهم، وقام ذلك مقام الخبر فيما قطع به عذر من جهله، وهدى الله برحمته من قبله.
كما كان الوحي خبرا بغير كتاب حجة؛ بل قد احتج المشركون على النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، ولم يكن لهم بتلك حجة؛ ولكن، لما جاءهم بما لم يأت به الرسل من قبله إلا مما شاء الله؛ فقال [وا]: " لن نؤمن لك - وهم أهل الكتاب - حتى تنزل علينا كتابا من السماء؛ فأوحي الله تبارك وتعالي إليه أن يصبر؛ فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ؛ فقال الله: "" ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ".
Sayfa 85