قال أبو المؤثر (رحمه الله): أنه [لو] قال قائل: في ماذا يتبع الناس فقهاءهم، وهم يسألونهم عن الطلاق، والحيض، والصلاة، والصيام، والحدود، والأحكام، ويقلدونهم في ذلك، وفيما لا يعلمونه؟ فنقول [له]: إن الحوادث علي منزلتين: منها ما فيه الحجة من كتاب الله؛ فمن أفتي من الفقهاء بتحليل ما كان حراما في حجة الله - كان هالكا، ومن أحل بقوله ما حرم الله؛ فهو هالك، وكذلك إذا حرم شيئا مما هو حلال عن الله، والحجة من الله قائمة بتحليله: هلك ، وهلك من حرم ما أحل الله بقوله.
والمنزلة الثانية: ما ليس فيه حجة، وهو مما لا كتاب فيه، ولا سنة، وهو ما يسع المسلمين في الرأي، والاختلاف: فرأي الفقهاء في ذلك مقبول؛ لأن هذا مما يقبل فيه الاختلاف من الفقهاء، وهم على ولاية بعضهم لبعض.
وأما ما كان من الإدعاء على الله في الدين، والولاية، والبراءة، والعداوة والحلال الذي أحله الله، والحرام الذي حرمه الله: فإذا اختلف فيه الفقهاء، فقال واحد: هذا حلال، وقال آخر: هذا حرام من الله، أو قال واحد: هذا كفر، وقال آخر: هذا إيمان - فإن هذا الاختلاف يوقع البراءة بينهم، ويقطع ولاية بعضهم من بعض، ولا تحل ولاية المختلفين جميعا على هذه الجهة.
فمن جمعهم في الولاية على هذا هلك، وعند هذا يحب: تكليف العالم على الجاهل؛ إذا قامت عليه الحجة بالحق في ذلك [و] لزمه قبوله، وتحرم عليه ولاية المخطئ، من هذين المختلفين في دين الله.
فإذا قامت عليه الحجة بهلاك المخطئ، وإيمان المصيب لزمه قبولها؛ فإن ردها يجهل هلك، وصار بمنزلة من جهل ما كلفه الله علمه من الجاهلين.
Sayfa 126