============================================================
(0) 18 1 منهاج القاصدين وشفيد الصادقين عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد التخعي، قال: أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبان (1)، فلما أصحرنا (2) جلس، ثم تنفس الصعداء(3)، ثم قال: يا كميل بن زياد، القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة : عالم رياني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج(4) رعاع(5) أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق: العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، المال تنقضه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق (6)، وصنيعة المال تزول بزواله، ومحبة العالم دين يدان به، تعسبه الطاعة في حياته، وجميل الأخدوثة بعد موته، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه.
مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أغيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب مؤجودة، هاه. إن هاهنا - وأشار بيده إلى صذره - علما، لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بنعم الله على عباده، وبحججه على كتابه، أو منقادا لأفل الحق، لا بصيرة له في أحنائه (7)، ينقدح الشك في قلبه بأؤل عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك، (1) الجبان والجيانة: المقبرة والصحراء. القاموس: (جبن).
(2) كذا في لاتهذيب الكمال" و"حلية الأولياء"، وفي الأصل: (أصحر). يقال: أصحر القوم، إذا برزوا في الصحراء. القاموس واللسان: (صحر): (3) ليست في الأصل، بل زيدت من العقد الفريد ونهج البلاغة ص594، يقال: تنفس الصعداء: إذا تنفس تنفسا طويلا أو بتولجع. القاموس واللسان: (صعد).
4) الهمج: الحمقى والهمل الذين لا نظام لهم ولا مروءة ولا عقل، وأراذل الناس. اللسان: همج).
(5) الرعاع: الأحداث الأوغاد من الناس وسقاظهم وسفلتهم. اللسان: (رعع) (6) في الأصل: "والعلم "، والمثبت من "الإحياء" ولنهج البلاغة".
(7) أحنائه: جوانبه وأطرافه، مفردها: حنو. اللسان: (حنو):
Sayfa 18