فصل وكما أن الدليل على ذاته تعالى هو أفعاله، فهي الدليل أيضا على صفاته، وكذلك كل دليل يدل على ذات فإنه يدل على صفات تلك الذات، فلا يثبت له تعالى من الصفات إلا ما دل عليه الفعل إما بنفسه كدلالته على كونه قادرا وعالما، وليس الأحكام واسطة هنا لرجوعه إلى نفس الفعل أو بواسطة كدلالته على كونه حيا بواسطة كونه قادرا عالما، وبواسطتين كدلالته على كونه مدركا بواسطة كونه حيا وكونه عالما قادرا أو بثلاث /44/ وسائط كدلالته على الصفة الأخص بواسطة كونه قادرا عالما وكونه حيا، ووجوب كونه حيا، ومثاله في غير صفاته تعالى ما يقوله في أن الإدراك طريق إلى الجوهر، فكذلك إلى صفاته، والذي يتناوله الإدراك من صفاته هي التحيز، فإنه يدرك عليها، ثم هي واسطة في سائر صفاته.
أما الجوهرية فالتحيز مقتضى عنها.
وأما الكائنية فهو مضمر بها.
وأما الوجود فهو مشروط به.
فصل
والذي يصح الاستدلال به على الله تعالى هو كلما يختص بالقدرة عليه كالجواهر والألوان ونحوها، أو يدخل تحت مقدور العباد، لكن يقع على وجه لا يصح وقوعه من العباد كالألم الزائد عند لسع العقرب، فإنه لو وجد هذا القدر من أقوى القادرين لما حصل هذا الألم، وكالكلام الموجود في الحصى والسحر وحركة المرتعش والعروق الضار به، ونحو ذلك، وكالعلوم الضرورية، فإنها لو كانت من فعلنا لوقفت على أحوالنا، ولو كانت من فعل أمثالنا لكانت إنما تصدر عن اعتماد، وهو لا تأثير له في ذلك، والألزم إذا اعتمد أحدنا على صدر الغير أن يتغير حاله في الاعتقاد، وأن يولد ما لا يتناهى على أنه ليس بأن يولد اعتقادا أولى من ضده؛ لأنه كان يولد لا بشرط يستحيل اجتماعه، فتفارق توليده للكون.
Sayfa 67