314

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وللآية وهذه الأخبار معنى آخر، وهو أن الله /210/ فطر الناس على الخلقة التي يهتدى بها إلى الدين القيم، ويقتضي الإقرار بالربوبية ويشهد له بالوحدانية، فإذا تدبر فيها الإنسان حال كمال عقله اهتدى بذلك إلى الدين القيم، وإذا اتبع الهوى ودين الآباء ووساوس الشيطان ضل عما تشهد به الفطرة من إقامة الدين، وعلى هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله تعالى يقول: (إني خلقت عبادي حنفاء فاغتالهم الشيطان عن دينهم)، وفي ذلك وجه آخر وهو أن معنى قوله فطرة الله التي فطر الناس عليها}، أي أمرهم بها من عبادته كما تشهد به الخلقة على أنه تعالى واحد لا ثاني له، وقوله: {لا تبديل لخلق الله} أي لا دليل يدل على خلاف ما تدل عليه الفطرة.

وقريب من هذا قول من جهل الآية على أن المراد بالفطرة الدين، ومعنى أن الله فطره أي ابتدأ شرعه بالأمر به.

ومنها: قوله: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة}.

والجواب: لا بد للخصم من ترك ظاهرها؛ لأن الشيطان ليس هو الملقى عندهم، والمراد بالجعل هنا الدلالة والبيان كما سلف تمثيله، ومنه قول الشاعر:

جعلنا لهم نهج السبيل فأصبحوا .... على ثنت من أمرهم حيث يمموا

فالله تعالى جعل نسخ ما ألقاه الشيطان فتنة للكفرين، أي امتحانا وتكذيبا لما توهموه وفرقا بينهم وبين المؤمنين.

والآية تحتمل وجها آخر، وهو أن الله تعالى جعل ذلك فتنة لهم بمعنى أنه خذلهم وخلى بينهم وبين الشيطان، فصار ما ألقاه فتنة لهم حيث لم ينظروا في الحق، ولو نظروا لبطلت فتنة الشيطان وإضلاله.

ومنها: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ..} إلى قوله: {قل كل من عند الله}.

Sayfa 320