279

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

القول في خلق الأفعال

ذهب أهل العدل إلى أن أفعال العباد منهم، وقال أهل الجبر: هي من الله تعالى، واختلفوا فقال جهم: هم لها كالظروف وإضافتها إليهم كإضافة ألوانهم وكإضافة حركة الشجرة إليها، وسوى في ذلك بين المباشر والمتعدي.

وقال ضرار هي من الله حدوثا ومن العبد /186/ اكتسابا ولم يفرق بين المباشر والمتعدي، وبه قال الأشعري في المباشر، فأما المتعدي فالله مستفرد به عنده. وقال المدعون للتحقيق منهم: الفعل يقع بقدرة العبد، ولكنها موجبة، ففاعلها هو فاعل الفعل؛ لأن فاعل السبب هو فاعل المسبب.

والأقرب أن هذه الأقوال تعود إلى قول جهم في التحقيق لأن أهل الكسب لا بد أن جعلوا العباد كالظروف لها في الحدوث، وأما الكسب فهو إما أن لا يكون فعلا فذكره هنا باطلة وهذيان؛ لأن كلامنا في الأفعال، وإما أن يكون فعلا فهو إما أن يتفرد الله به وهو مذهب جهم، وإما أن يحتاج إلى كسب آخر فيعود السؤال، وكذلك المثبتون للقدرة الموجبة لا بد أن يجعلوا العباد كالظروف لأفعالهم؛ لأنه لا اختيار لهم في السبب ولا في المسبب، ويصير الحال فيه كالحال في الشجرة التي يوجد الله فيها اعتمادا يوجب الحركة، فإن ذلك لا يخرج الشجرة عن كونها كالظرف للحركة الموجبة عن الاعتماد، فظهر لك أن المجبرة كلهم جهمية في التحقيق.

فصل

وقد اختلف أصحابنا في تفضل الكلام عليهم، فقال أبو الحسين: العلم بأنا محدثون لأفعالنا ضروري لا مجال للشك فيه؛ لأن العقلاء يعلمون بعقولهم حسن الأمر بها والنهي عنها والترغيب والترهيب والمدح والذم، ويعللون ذلك بكونه فعله، وكل ذلك فرع على أنهم محدثون لها، ومحال أن يعلم الفرع ضرورة والأصل استدلالا.

Sayfa 284