228

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

قيل لهم: ليس ذلك بأبلغ من استحالة رؤية /154/ القدرة والعلم والسمع والبصر ونحو ذلك مما قد جوزوه.

طريقة أخرى في الجواب: يقال لهم: أتطردون عليكم هذه فتزعمون أن كل موجود يصح أن يرى حتى القدرة والحياة والسمع والبصر ونحوها، أم لا تطردونها فيبطل كونها علة إذ لا أقل من إطراد العلة. وعند أهل السؤال افترقوا فرقتين، فأما أهل التحصيل منهم فقهقر وأعن هذه الشبهة واعترفوا ببطلانها، ولهذا قال الرازي في الأربعين: أما نحن فعاجزون عن تمشية هذا الدليل، يعني دليل الوجود، وأما أهل العناد منهم فاقتحموا ذلك، فقالوا: إن كل موجود يصح ان يرى حتى رؤية الباري وسمعه وبصره، وإنما أجرى الله العادة بانه لا يخلق فينا إدراك هذه الأمور.

وسبيلنا مع هؤلاء أن نبين لهم أولا أنهم عاجزون عن طرد هذه العلة حتى التزموا المحال من أجلها، ثم يذكرهم ما يلزمهم على هذه المقالة فنقول: أليس الله تعالى يرى الأشياء برؤية قديمة، فلا بد من قولهم بلى، فيقال: أفيصح أن ترى هذه الرؤية أم لا، إن قلتم: لا يصح، بطل أصلكم، وإن قلتم يصح لزم أن يرى الرؤية برؤية الرؤية بروية أخرى إلى ما لا تناهي، وأن يكون رائيا لا برؤية، وفيه إبطال كون الإدراك معنى، ثم يقال لهم: أليس يصح أن يرى الحياة وأن يخلق الله لونا غير هذه الألوان فنراه فلا بد من بلى، فيقال: إذا رأيتم الحياة ورأيتم ذلك اللون المجوز فبأي شيء تفرقون بينهما حتى تعلموا اللون لونا والحياة حياة وهلا كانا لونين أو حياتين، وكذلك يسألون عن الفرق بين اللون والصوت عند سماعهما أو عند رؤيتهما ويسألون عن الفرق بين قدرته تعالى، وعلمه عند إدراكها.

Sayfa 232