224

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والجواب: يقال له وكذلك في التمدح بنفي السنة والنوم والصاحبة والولد وجوابه جوابنا، وأما قياسه لذلك على التمدح بنفي الظلم والعبث فليس فغير صحيح؛ لأن التمدح هنا راجع إلى الفعل، وما كان كذلك فلا تم المدح فيه إلا مع القدرة عليه، ولهذا لا يصح التمدح بنفي الجمع بين الضدين ونحو ذلك بخلاف ما كان راجعا إلى الذات، فإنه غير مقدور، على أنا ننفي ما تمدح الله بنفيه وإن رجع إلى الفعل، ونقول: لا يظلم في الدنيا ولا في الآخرة، فهلا قال بمثله في نفي الإدراك.

وأما الأصل الثالث: وهو أن إدراك الأبصار هو رؤيتها فلأنه وإن كان مشتركا بين المشاهدة واللحوق والبلوغ والاتباع فإنه متى قرن بالبصر أفاد الرؤية بلا شبهة، ولهذا لا يقال أدركت ببصري شخصا وما رأيته أو العكس، وما ينكر هذا إلا مكابر، وأما قول القائل: أدركت ببصري حرارة الميل فهو خارج عن هذه المسألة؛ لأن العين كغيرها في إدراك الحرارة لمسا، ولهذا يقلوله الأعمى.

قال الرازي: لا نسلم أن إدراك الأبصار هو رؤيتها، بل هو عبارة عن الوصول، وهو حقيقة فيه فقط. قال: فإذا رأى أحدنا شيئا ورأى أطرافه ونهاياته قيل إنه أدركه على تقدير أن رؤيته قد أحاطت به من جميع جوانبه وإنما يتأتى هذا في الشيء إذا كان له أطراف ونهايات والباري تعالى منزه عن ذلك فلم تكن رؤيته إدراكا له، فلا يلزم من نفي إدراك الأبصار نفي الرؤية. قال: والحاصل أن الإدراك رؤية مكيفة. ولنا أن نقول أن هذا الكلام فيه من التهافت والخبط ما لا يخفى على مميز.

Sayfa 228