Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Türler
ووجه ثالث ذكره الرازي على هذا الجواب فقال: لو كان الاستدقاق زاوية الشعاع للزم إذا بعد شبرا من موضعه أن لا يراه البتة.
ويمكن الجواب بأنا لم نفرض الواقع على المرئي آخر زاوية الشعاع بل يجوز أن يبقى منها ما لو بعد المرئي لرأى أصغر مما كان كذلك حتى ينقطع فلا يرى.
فإذن يكون الأولى في الاعتراض على جواب أصحابنا أن يقال لو كان ذلك الاستدقاق زاوية الشعاع للزم ألا يرى ما حول هذا الشيء؛ لأن زاوية الشعاع إذا صغرت عنه ولم يقع إلا على بعضه فكيف يرى ما حوله، وأيضا فكان يلزم إذا صرفنا زاوية الشعاع إلى البعض الآخر /145/ أن يراه، ومعلوم أنا لا نرى الأشياء واحدا، إذا ثبت هذا فالأحسن في الجواب على الرازي أن نقول أنا نرى الشيء كله على البعد كما نراه كله على القرب لكن يخيل إلينا أنه صغير لأجل اتساع ما نرى حوله من القضاء أو غيره، فإنه إن كان طائرا في الهوى فإنا حين نراه يقع بصرنا على جرم السماء فنراه صغيرا في حينها، وكذلك الشجرة في الفلاة أو في الجبل وكلما قربنا إليه قل ما يقع عليه بصرنا مما حوله فرأيناه كأنه يكبر.
يزيده وضوحا أن الشيء إذا ضم إلى ما هو أكبر منه رئي كأنه صغير وازدرته العيون، وكذلك الرجل الكامل إذا استقام عنده المفرط في الطول رأي الكامل كأنه قصير، وهذا ظاهر، فإن كثيرا من الأشياء إنما يعلم كبره أو حسنه بأن يضم إلى غيره.
ووجه آخر في الجواب، وهو: أن يقال للرازي هذا السؤال لازم لك أيضا لأنك توافق في اعتبار هذه الشرائط، وإنما تعتبر أمرا زائدا وهو الإدراك الذي يفعله الله فينا، فأخبرنا ما الوجه في أنا نرى الكبير صغيرا مع حصول الإدراك الذي يدرك به الجميع لو قرب فلا يكون له بد من الرجوع إلى ما قلناه.
Sayfa 218