Müslim Şerhi Minhac
شرح النووي على صحيح مسلم
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Baskı
الثانية
Yayın Yılı
١٣٩٢
Yayın Yeri
بيروت
فَاسِقٌ وَقَالَتِ الْأَشْعَرِيَّةُ بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ وَإِنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَعُذِّبَ فَلَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِهِ مِنَ النَّارِ وَإِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَإِنِ احْتَجَّتْ بِظَاهِرِهِ قُلْنَا مَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّهُ غُفِرَ لَهُ أَوْ أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَيْ دَخَلَهَا بَعْدَ مُجَازَاتِهِ بِالْعَذَابِ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِمَا جَاءَ فِي ظَوَاهِرَ كَثِيرَةٍ مِنْ عَذَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ هذا لئلا تتناقض نصوص الشريعة وفى قَوْلُهُ ﷺ وَهُوَ يَعْلَمُ إِشَارَةً إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ إِنَّ مُظْهِرَ الشَّهَادَتَيْنِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ آخَرَ بِقَوْلِهِ ﷺ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا وَهَذَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا مَنْ يَرَى أَنَّ مُجَرَّدَ مَعْرِفَةِ الْقَلْبِ نَافِعَةٌ دُونَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْعِلْمِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُرْتَبِطَةٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا تَنْفَعُ إِحْدَاهُمَا وَلَا تُنَجِّي مِنَ النَّارِ دُونَ الْأُخْرَى إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ لِآفَةٍ بِلِسَانِهِ أَوْ لَمْ تُمْهِلْهُ الْمُدَّةَ لِيَقُولَهَا بَلِ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ وَلَا حُجَّةَ لِمُخَالِفِ الْجَمَاعَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ إِذْ قَدْ وَرَدَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ كَثِيرَةٌ فِي أَلْفَاظِهَا اخْتِلَافٌ وَلِمَعَانِيهَا عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ ائْتِلَافٌ فَجَاءَ هَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي رِوَايَةِ مُعَاذٍ عَنْهُ ﷺ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله دخل الْجَنَّةَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ ﷺ من لقى الله لايشرك بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَعَنْهُ ﷺ مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ وَزَادَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله يبتغى بذلك وجه الله تعالى وهذه الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا سَرَدَهَا مُسْلِمٌ ﵀ فِي كِتَابِهِ فَحَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ ﵏ منهم بن الْمُسَيَّبِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ مُجْمَلَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ وَمَعْنَاهُ مَنْ قَالَ الْكَلِمَةَ وَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرِيضَتَهَا وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لِمَنْ قَالَهَا عِنْدَ النَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ إِنَّمَا هِيَ إِذَا حُمِلَتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَمَّا إِذَا نَزَلَتْ مَنَازِلَهَا فَلَا يُشْكِلُ تَأْوِيلُهَا عَلَى مَا بَيَّنَهُ
1 / 219