204

Müslim Şerhi Minhac

شرح النووي على صحيح مسلم

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Baskı

الثانية

Yayın Yılı

١٣٩٢

Yayın Yeri

بيروت

وَإِنَّمَا رَأْسُ مَالِهِمُ الْبُهُتُ وَالتَّكْذِيبُ وَالْوَقِيعَةُ فِي السَّلَفِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ كَانُوا أَصْنَافًا مِنْهُمْ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْمِلَّةِ وَدَعَا إِلَى نُبُوَّةِ مُسَيْلِمَةَ وَغَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَأَنْكَرَ الشَّرَائِعَ كُلَّهَا وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ الصَّحَابَةُ كُفَّارًا وَلِذَلِكَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ ﵁ سَبْيَ ذَرَارِيِّهِمْ وَسَاعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَاسْتَوْلَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ جَارِيَةً مِنْ سبى بنى حنيفة فولدت له محمد الذى يدعى بن الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ لَمْ يَنْقَضِ عَصْرُ الصَّحَابَةِ حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْبَى فَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ مِنْهُمُ الْمُقِيمُونَ عَلَى أَصْلِ الدِّينِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَغْيٍ وَلَمْ يُسَمَّوْا عَلَى الِانْفِرَادِ مِنْهُمْ كُفَّارًا وَإِنْ كَانَتِ الرِّدَّةُ قَدْ أُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لِمُشَارَكَتِهِمُ الْمُرْتَدِّينَ فِي مَنْعِ بَعْضِ مَا مَنَعُوهُ مِنْ حُقُوقِ الدِّينِ وَذَلِكَ أَنَّ الرِّدَّةَ اسْمٌ لُغَوِيٌّ وَكُلُّ مَنِ انْصَرَفَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ فَقَدِ ارْتَدَّ عَنْهُ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الِانْصِرَافُ عَنِ الطَّاعَةِ وَمَنْعُ الْحَقِّ وَانْقَطَعَ عَنْهُمُ اسْمُ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ بِالدِّينِ وَعَلِقَ بِهِمُ الِاسْمُ الْقَبِيحُ لِمُشَارَكَتِهِمُ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانَ ارْتِدَادُهُمْ حَقًّا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى خذ من أموالهم صدقة وَمَا ادَّعَوْهُ مِنْ كَوْنِ الْخِطَابِ خَاصًّا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّ خِطَابَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ خِطَابٌ عَامٌّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذا قمتم إلى الصلاة الْآيَةَ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كتب عليكم الصيام وَخِطَابٌ خَاصٌّ لِلنَّبِيِّ ﷺ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ مَا أُبِينَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِسِمَةِ التَّخْصِيصِ وَقَطْعِ التَّشْرِيكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لك وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وخطاب مواجهة للنبى ﷺ وَهُوَ وَجَمِيعُ أُمَّتِهِ فِي الْمُرَادِ بِهِ سَوَاءٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَقِمِ الصلاة لدلوك الشمس وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من الشيطان الرجيم وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَلْ تُشَارِكُهُ فِيهِ الْأُمَّةُ فَكَذَا قَوْلُهُ تعالى خذ من أموالهم صدقة فَعَلَى الْقَائِمِ بَعْدَهُ ﷺ بِأَمْرِ الْأُمَّةِ أَنْ يَحْتَذِيَ حَذْوَهُ فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ وَإِنَّمَا الْفَائِدَةُ فِي مُوَاجَهَةِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْخِطَابِ أَنَّهُ هُوَ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُبَيِّنُ عَنْهُ مَعْنَى مَا أَرَادَ فَقَدَّمَ اسْمَهُ فِي الْخِطَابِ لِيَكُونَ سُلُوكُ الْأَمْرِ فِي شَرَائِعِ الدِّينِ عَلَى حَسَبِ مَا يَنْهَجُهُ وَيُبَيِّنُهُ لَهُمْ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فطلقوهن لعدتهن فَافْتَتَحَ الْخِطَابَ بِالنُّبُوَّةِ بِاسْمِهِ خُصُوصًا ثُمَّ خَاطَبَهُ وَسَائِرَ أُمَّتِهِ بِالْحُكْمِ عُمُومًا وَرُبَّمَا كَانَ الْخِطَابُ لَهُ مُوَاجَهَةً وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ كنت فى شك مما أنزلنا اليك

1 / 204