============================================================
وبلغني عن عامر ابن عبد قيس : (أنه بكى عند موته ، وكان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة ، ثم يأتي فراشه فيقول [لنفسه](1) : يا مأوى كل شر؛ والله ما رضيئك لله طرفة عين)(2) .
وبكى يوما ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : قوله تعالى : إنما يتقبل الله من المنقين(3).
ثم تأمل نكتة أخرى ، وهي أصل الأصول ، وهي ما ذكر أن بعض الصالحين قال لبعض أشياخه: أوصني بوصية ، قال : أوصيك بوصية الله رب العالمين للأؤلين والآخرين ؛ قوله تعالى : ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكلثب من قبلكم واياكم أن اتقوا الله) قلث أنا : أليس الله تعالى أعلم بصلاح العبد من كل أحد ؟ أوليس هو أنصح له وأرحم وأرأف من كل أحد ؟ ولو كانت في العالم خصلة هي أصلح للعبد ، وأجمع للخير، وأعظم للأجر ، وأجل في العبودية، وأعظم في القذر، وأولى بالحال، وأنجع في المآل من هلذه الخصلة التي هي التقوى.. لكان الله تعالى أمر بها عباده، وأوصى بها خواضه؛ لكمال حكمته، وسعة رحمته، فلما أوصى بهذه الخصلة الواحدة ، وجمع الأولين والأخرين من عباده في ذلك، واقتصر عليها.. علمت أنها الغاية التي لا متجاوز عنها، ولا مقتصر دونها، وأنه عز وجل قد جمع كل نصح ودلالة، وإرشاد وتنبيه وتأديب، وتعليم وتهذيب في هذذه الوصية الواحدة كما يليق بحكمته ورحمته، وعلمت أن هذذه الخصلة التي هي التقوى هي الجامعة لخير الدنيا والآخرة، الكافية لجميع المهمات ، المبلغة إلى أعلى الدرجات في العبودية.
امن الطويل] وقد أحسن من قال : الا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيا هو الذل والعدم
Sayfa 100