بين يديه في الجمعة راغبين غير راهبين ولا مجبرين وهو مع ذلك يقرِّعهم ويوبخهم وكأنه قد خلا ممَّا حذَّرهم منه وربما وجد بينهم من هو أتقى منه وأخشى لله ﷿، وهذا الأسلوب مخالف لهدي القرآن الكريم وسنة المصطفى ﷺ فالواجب على كل من يتصدر لخطبة الجمعة أن يتَّبع منهج الرسول ﷺ في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والكلام الليِّن الذي يتألف القلوب والأسماع وأن يتجنَّب التقريع وفظاظة القول، فإِن ذلك سبيل العاجز الذي لا يحسن الإِقناع ولا القول الصائب والأدب الرفيع، مَّما يؤدي به إِلى نفور الناس عن سماعه والإِصغاء إِلى قوله.
فلا بُدّ لكل خطيب جمعة أن يكون رائده في الإِرشاد والتذكير قول الله سبحانه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] وقوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩]