============================================================
ابن سيد الناس، ومحقق عصره العز ابن جماعة وغيرهم، وتوفي سنة ست آو سبع وتسعين وست مثة على ما قاله المقريزي(1)، للكن صوب شيخ الإسلام العسقلاني أنه سنة آربع وتسعين كان أحد آبويه من بوصير الصعيد، والأخر من دلاص، فركبت النسبة منهما فقيل: الدلاصيري، ثم اشتهر بالبوصيري، قيل: ولعلها بلد آبيه فغلبت عليه، وكان من عجائب الدهر في النظم والتثر، ولو لم يكن له إلا قصيدته المشهورة ب1 البردة"، التي تسبب نظمها عن وقوع فالج به أعيا الأطباء، ففكر في إعمال قصيدة في النبي صلى الله عليه وسلم يتشفع بها إليه صلى الله عليه وسلم، ثم به إلى ربه، فأنشأها، فرآه ماسحأ بيده الكريمة عليه، فعوفي لوقته، ثم لما خرج من بيته.. لقيه عبد صالح فطلب منه سماعها فعجب منه؛ إذ لم يخبر بها أحدا، فقال: سمعتها البارحة تنشد بين يديه صلى الله عليه وسلم وهو يتمايل كتمايل القضيب، (قال] فأعطيته إياها، وقيل: إنه اشتد رمده بعد نظمها، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في التوم، فقرا عليه شينا منها فتفل في عينيه فبرىء لوقته-. لكفاه ذلك شرفا وتقدما، كيف وقد ازدادت شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن ؟!
وكان يعاني صنعة الكتابة على الحمايات، وباشر ببلبيس الشرقية، ثم ترك ذلك وصحب القطب أبا العباس المرسي رضي الله عنه وأرضاه، وجعل جنات المعارف منقلبه ومثواه، فعادت عليه بركته، وساعده لحظه وهمته إلى آن فاق أهل زمانه، ورزقه الله من الشهرة والحظ ما لم يصل إليه أحد من أقرانه، فرحمه الله تعالى ورضي عنه من قصيدته الهمزية المشهورة، العذبة الألفاظ الجزلة المباني، العجيبة الأوضاع البديعة المعاني، العديمة النظير البديعة التحرير؛ إذ لم ينسج أحد على منوالها، ولا وصل إلى علا حسنها وكمالها، حتى الإمام البرهان القيراطي، المولود سنة ست وعشرين وسبع مثة، والمتوفى سنة إحدى وثمانين وسبع مثة؛ فإنه مع جلالته وتضلعه من العلوم العقلية والنقلية، وتقدمه على أهل عصره في العلوم العربية والأدبية، لا سيما علم البلاغة، ونقد الشعر وإتقان صنعته، وتمييز حلوه من مره، ونهايته من بدايته.. أراد أن يحاكيها ففاته الشنب ، وانقطعت به الحيل عن آن يبلغ من معارضتها (1) انظر " المقفى الكبير"(5/ 662) :
Sayfa 4