============================================================
فيه أن المراد : تنقل نوره من ساجد إلى ساجد، وحينئذ فهذا صريح في آن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم آمنة وعبد الله من أهل الجنة ؛ لأنهما أقرب المختارين له صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحق، بل في حديث صححه غير واحد من الحفاظ ولم يلتفتوا لمن طعن فيه : آن الله تعالى أحياهما له فآمنا به، خصوصية لهما وكرامة له صلى الله عليه وسلم(1).
فقول ابن دحية : (يرده القرآن والإجماع).. ليس في محله ؛ لأن ذلك ممكن شرعا وعقلا على جهة الكرامة والخصوصية، فلا يرده قرآن ولا إجماع، وكون الايمان به لا ينفع بعد الموت محله في غير الخصوصية والكرامة: و قد صح آنه صلى الله عليه وسلم ردت عليه الشمس بعد مغيبها، فعاد الوقت حتى صلى علي رضي الله عنه العصر أداء كرامة له صلى الله عليه وسلم، فكذا هنا، وطعن بعضهم في صحة هذا بما لا يجدي أيضل(2).
وخبر : أنه تعالى لم يأذن لنبيه صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمه (3) إما كان قبل إحيائها له وإيمانها به، أو أن المصلحة اقتضت تأخير الاستغفار لها عن ذلك الوقت، فلم يؤذن له فيه حينثذ فإن قلت : إذا قررتم أنهما من أهل الفترة وأنهم لا يعذبون. . فما فائدة الإحياء ؟
قلت : فائدته: إتحافهما بكمال لم يحصل لأهل الفترة، لأن غاية أمرهم أنهم الحقوا بالمسلمين في مجرد السلامة من العقاب، وأما مراتب الثواب العلية. فهم بمعزل عنها، فأتحفا بمرتبة الايمان زيادة في شرف كمالهما بحصول تلك المراتب لهما، وفي هذا مزيد ذكرته في "الفتاوى".
ولا يرد على الناظم آزر، فإنه كافر مع أن الله تعالى ذكر في كتابه العزيز آنه أبو ابراهيم صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن أهل الكتابين أجمعوا على أنه لم يكن أباه حقيقة، وإنما كان عمه والعرب تسمي العم أبا، بل في القرآن ذلك، قال الله تعالى : (1) انظر الحاوي للفتاوي " للسيوطي (230/2).
(2) انظر " الحاوي للفتاوي " للسيوطي (369/1).
(3) اخرجه مسلم (976)، وابن حبان (5390) ، وأحمد (355/5)
Sayfa 35