============================================================
فإن قلت : توجه الهمم إليها مع العجز عنها في نفس الأمر.. لا يسمي قدرة: قلت: ممنوع، بل يسمى قدرة باعتبار العرف وقطع النظر عن الغايات، ولا شك أن أهل فن البلاغة لا يقطعون بسلب القدرة عن المحاكاة ابتداء، بل بعد الاختبار: فتأمله؛ لتعلم سقوط ما قيل: كيف يخاطبون بالتحدي مع القطع بعجزهم عنه ؟!
ونظير ذلك : خطاب من علم الله منه عدم الإيمان بالإيمان، كأبي جهل وأبي لهب، نظرا لقدرتهما عليه باعتبار الظاهر، وإعراضا عن النظر للغايات والعواقب.
ومن المفاسد أيضا : قول فريق ضلأل : إن الكل قادرون على الإتيان بمثله، وإنما تأخروا عنه؛ لعدم العلم بوجه ترتيب لو تعلموه،. لوصلوا إليه به، واخرين: إن العجز إنما وقع من الموجودين ، وأما من بعدهم.. ففي قدرتهم الإتيان بمثله ومما يرد عليهم آن جماعة ممن انتهت إليهم الرياسة في الفصاحة تعرضوا لمعارضته، كابن المقفع والمعري والمتنبي ونظرائهم، فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع، وتنبو عنه الطباع، ونادى عليهم بالخزي والانقطاع، وصيرهم مثلة وسخرية وضحكة إلى أن تاب أكثرهم ، وأظهر ندمه ونسكه.
ولاشتمال القرآن الكريم على ما لا يحصى من العلوم والمغيبات ، وأحوال العالم الدنيوي والأخروي، وغير ذلك من العجائب.. كان 187 كل يؤم ثهدي إلى سامعيه معجزات من لفظه القراء (كل يوم) أي: وقت (تهدي) فاعله (القراء) أي: توصل، وأفاد التعبير به تشبيه المعجزات بالتحف المهداة، فهو استعارة بالكتاية، تتبعها استعارة تخييلية (إلى سامعيه معجزات) مر بيان المعجزة بما يتعين الوقوف عليه؛ ليعلم منه أن المراد بها هنا: الأمر الغريب وإن لم يصدق عليه حد المعجزة السابق، مبتدأة (من لفظه) لعذويته وانسجامه، وجزالة معناه، وغاية إيجازه مع غاية بلاغته، وبيانه مع فصاحته، وخروجه عن جنس كلام العرب حتى صار جنسأ آخر متميزا عنه مع اتحاد الحروف والاصطلاح ، وكثرة أخباره الصادقة، تارة عن الأمم الماضية، وأخرى عن المغيبات، وما فيه من العلوم التي لا يمكن حصرها:
Sayfa 325