============================================================
قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك.. أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن صلى الله عليه وسلم وتكرر ذهابه إلى رؤوس شواهق الجبال ليرمي نفسه، فيبرز له جبريل ويقول له: يا محمد؛ إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه (1).
وأخرج الشيخان وغيرهما : أنه صلى الله عليه وسلم قال : " جاوزت بحراء شهرا- أي : لا لطلب النبوة ؛ فإنها موهبة لا تنال بكسب ، الله أعلم حيث يجمل رسالته) -فلما قضيت جواري. هبطت ، فنوديت فنظزث فلم أر شيئا ، فرفغت رأسي فرأيث شييا لم أثبت له ، فأتيت خديجة فقلث : دثروني ديروني ، وصبوا علي ماء باردا فنزلت : يأيما المدير.."(2) الآية، وهلذا بعد نزول : اقرأ، بل وبعد فترة الوحي؛ إذ أول ما نزل: آقرأ على الأصح ، بل الصواب ، وصح عن الشعبي أنه قال : (أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته اسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشيء، ولم ينزل عليه بالقرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين.. قرن بنبوته جبريل، فنزل عليه بالقرآن على لسانه عشرين سنة)(2) وحكمة الفترة : إذهاب الروع الذي وجده صلى الله عليه وسلم، ومزيد تهييجه إلى الاشتياق للعودة.
وروى أصحاب السير: أنه صلى الله عليه وسلم لما أخبر خديجة الخبر. قالت له: أتستطيع أن تخبرني بهذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: "نعم" فلما جاءه جبريل.. أخبرها به، فقالت له: اجلس على فخذي الأيسر، ففعل، فقالت: أتراه؟ قال : "نعم " فقالت : فعلى الأيمن، ففعل، فقالت : أتراه؟ قال : " نعم" قالت: فاجلس في حجري، ففعل، فقالت: أتراه؟ قال: ل نعم " فألقت خمارها ثم قالت: أتراه؟ قال : "لا" قالت : اثبت وأبشر، فوالله إنه لملك، ما هذذا شيطان(4).
(1) البخاري (3)، دون قوله : (حتى حزن..) (2) البخاري (4922)، ومسلم (161)، وابن حبان (34)، وأحمد (306/3) (3) انظر "طبقات اين سعد *(191/1)، و8 فتح الباري" (27/1).
(4) انظر " الكامل" لابن الأثير (149/1).
Sayfa 113