وأمرِه بتركِ القتال في الفتنة، وأن الإمساك عن الدخول فيها خيرٌ من القتال.
وقد ثبتَ عنه في الصحيح أنه قال: «سألتُ ربّي لأمتي ثلاثًا، فأعطاني اثنين ومَنَعَني واحدًا، سالتُه أن لا يُسَلِّطَ عليهم عدوًّا من غيرهم؛ فأعطانيها، وسالتُه أن لا يُهلِكَهم بسَنَةٍ عامَّةٍ؛ فأعطانيها، وسألتُه أن لا يَجعلَ بأسَهم بينهم؛ فَمَنَعَنِيْها».
وكان هذا من دلائل نبوته ﷺ وفضائل هذه الأمة؛ إذ كانت النشأة الإنسانية لا بدَّ فيها من تفرُّقٍ واختلافٍ وسَفْكِ دماء، كما قالت الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ ولما كانت هذه الأمة أفضل الأمم وآخر الأمم عَصَمَها الله أن تجتمعَ على ضلالةٍ، وأن يُسلَّط عدوٌّ عليها كلِّها كما سُلطَ على بني إسرائيل، بل إن غُلِبَ طائفة منها كان فيها طائفةٌ قائمةٌ ظاهرة بأمر الله إلى يوم القيامة، وأخبرَ أنه: «لا تزالُ فيها طائفةٌ ظاهرةٌ على الحقّ حتى يأتيَ أمر الله» وجعلَ ما يستلزمُ من نشأة الإنسانية من التفرق والقتال هو لبعضها مع بعض ليس بتسليط غيرِهم على
1 / 88