Karanlığın Çatlaklarından: Hikayenin Henüz Bitmemiş Olması En Rahatsız Edici Olan Bir Mahkumun Hikayesi

Nahid Hindi d. 1450 AH
41

Karanlığın Çatlaklarından: Hikayenin Henüz Bitmemiş Olması En Rahatsız Edici Olan Bir Mahkumun Hikayesi

من شقوق الظلام: قصة سجين أكثر ما يؤرق فيها أنها لم تنته بعد

Türler

المحكمة تنعقد ستة أيام في الأسبوع من الصباح وحتى منتصف الليل، وأطول مرافعة لم تكن تتجاوز الربع إلى نصف ساعة، هذا إذا كان عدد المتهمين كبيرا، ومن ثم تتم تلاوة الأحكام في غضون دقائق، مثال واحد على نوع الأحكام التي كانت تصدر، أذكر واحدة من القضايا تشبه العشرات أو المئات من الدعاوى. صعد في هذه القضية لمواجهة الحاكم العسكري أربعة وسبعون متهما عاد منهم خمسة فقط بحكم السجن المؤبد والآخرون جميعا خرجوا من الباب الجانبي إلى قاطع الإعدام.

صعدنا سلما قصيرا لنقف حفاة بمواجهة ثلاثة قضاة عسكريين، إلى اليسار جلس ضابط أشقر بوجه متجهم طويل، كان انطباعنا عنه واحدا، إنه يشبه عنصر غيستابو نازي كما كنا نراهم في السينما. بدأ يلقي خطاب الادعاء يصفنا بالخونة العملاء المتعاونين مع الأعداء ضد القائد العظيم ومسيرة الثورة وقيادتها الحكيمة، والحق أننا لم نصغ إليه لأنه منذ أول الكلام أفصح عن مراده وطالب بإنزال أقصى العقوبات وأشد القصاص بنا، وباختصار طلب من الحاكم إصدار حكم الموت علينا.

سألنا الحاكم العسكري عن أسمائنا؛ ومن ثم سؤال آخر: «هل أنت متهم أم بريء؟»

وعندما كنا نحاول توضيح شيء ما، كان يرد علينا مقاطعا حازما بكلمة واحدة: «اخرس!»

هذا الحاكم تعرفت إليه للمرة الأولى هنا بزي عسكري ونحن نقف أمامه بملابس رثة حفاة الأقدام ممنوعين من توكيل محام وممنوعين من الدفاع عن أنفسنا، وأنزل علينا هو ومعاونوه حفنة من سباب، فقط لأننا قلنا له: إن هذه اعترافات تحت التعذيب. رأيته مرة ثانية عندما وقف ذليلا يدعي أن العقال العربي هويته ويطالب بحقوقه المدنية. لا أدري ما الذي كان يخطر بباله وهو يقف في هذا القفص، هل تذكر نهر الدماء الذي فجره من أعناق الشباب نساء ورجالا بأحكامه الجائرة الظالمة؟ وهل تذكر الجبروت والاستعلاء الذي كان عليه هو وزمرته؟ وهل مر عليه طيف الأمهات الثكلى؟ وهل عبرت من أمام ناظريه جموع أطفال قصر ذاقوا عذاب السجن بأحكام هزلية أصدرتها محكمته السخيفة؟ كم تمنيت لو كنت أقدر أن أرى عقله في تلك اللحظات وكيف كان يدور وهو يجلس في القفص ويواجه القاضي. أريد أن أعرف كيف يفكر هؤلاء عند مواجهة الموت في نهاية مسيرتهم الدامية، هل يرددون مقولة فرعون الخائبة وهو يغرق في يم موسى، وهل يداخلهم ندم وهم يرون الهاربين الخائفين منهم الذين كان يستعبدونهم ويقتلونهم لأنهم مستضعفون فقط وليس لهم ذنب آخر. اليوم ضحاياهم يمشون على البر بأمان، أما هو وأسياده القتلة فإنهم يدورون مثل جيفة نتنة لا تجد لها موئلا تستريح فيه لا في بر ولا في بحر.

ومن باب على اليسار خرج علينا رجل أعرج يلبس جبة محامي دفاع سمعت فيما بعد عبارة كان يكررها في المرافعات وهي كالآتي كما جاءت على لسانه: «إني فتشت طويلا في قوانين الأرض والسماء فلم أجد مادة قانونية ترحم هذه الحفنة من العملاء ، وأطالب بإنزال أقصى العقوبات بهم.»

للتاريخ والحقيقة، فإنه في قضيتنا طالب بملاحظة أعمار بعضنا ممن كان دون العشرين عاما، والرأفة بهم، أما الآخرون - وطبعا أنا منهم - فقد تبرع بنا مجانا لأقسى قصاص.

لم تدم كل المرافعة أكثر من عشر دقائق على الأكثر، ونزلنا ثانية إلى القاعة بحسب ادعاء الحاكم للمداولة، ثم نودي علينا ثانية لننتقل إلى رحلة عذاب جديدة، ونذهب هناك بعيدين عن الحياة منسيين تحت الأرض تحت عنوان السجن المؤبد وراء أسوار عالية تحجب عنا كل شيء.

في ذلك المبنى القذر بكل ما فيه، جرت أحداث كثيرة في دقائق قليلة لا يمكن لي مغادرتها سريعا، فكل واحد منها يصلح أن يكون نافذة كبيرة تشرف على تلك الحقبة المظلمة، ولا يحتاج أحد إلى تأمل أو فلسفة ليستبين الذي جرى. فقط عليه أن ينظر من هذه النوافذ المشرعة وسيفهم بسهولة ما جرى، بل وحتى ما يجري الآن فالأمر لم يتغير كثيرا بعد.

وجوه شاحبة يكتظ بها المكان، متوزعة على مقاعد خشبية، تحمل تنوعا بشكل غريب في كل الملامح والأعمار، وقطعا في الأفكار والانتماءات، لم يكن يوحدها شيء سوى الظلم الواقع عليها. عيونها شاخصة إلى اللاشيء، حائرة تنتظر مستقبلا مجهولا، بل ولا تدري لماذا هي هنا بالأصل؟! وهذا ما لفت انتباهي بشدة في ذاك اليوم الرمضاني القائظ، فلم أكن أتوقع أن جمعا بهذا الحجم - ممن لا دخل له بأي شأن سياسي - سوف يكون حاضرا بهذا الكم في هذه المحكمة المختصة بمحاربة أصحاب الرأي.

Bilinmeyen sayfa