Nakilden Yaratıcılığa
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
Türler
فأرسطو الذي يحيل إليه ابن رشد ليس أرسطو اليوناني التاريخي بل أرسطو الإسلامي الفلسفي. ليس أرسطو المكتوب بل أرسطو المقروء على مستوى التصورات، وحدانية الله وخلق العالم أو على مستوى الألفاظ والعبارات. كل شيء في الطبيعة متقن الصنع بتدارك الله النقص فيه، لا فرق في ذلك بين قول أرسطو وتصور الإسلام. بل إن ابن رشد يعيد قراءة أرسطو مستعملا الخالق تعالى. وبالرغم من نقد ابن رشد لابن سينا إلا أنه يشعر بالتمايز بين حكمة أهل المشرق وحكمة اليونان، أهل الغرب بتعبير المحدثين. عند أهل الشرق الأجرام السماوية إلهية. ومع ذلك يضعفون طريق أرسطو في إثبات المبدأ الأول عن طريق الحركة. فأرسطو أكثر توحيدا على نحو عقلي خالص من أهل الشرق الذين يقعون في التجسيم والتشبيه والتشخيص إن لم يكن الشرك باعتبار الأجرام السماوية آلهة.
ويمكن فهم مذهب أرسطو على وجهه الصحيح بمعرفة نوع الأقاويل التي يستعملها. فكثيرا ما يستعمل ابن رشد الصور والتشبيهات التي تدل على معاني لا أن تؤخذ حرفيا لمعرفة المذهب. فتحديد نوع الأقاويل قراءة رشدية لأرسطو رؤية الآخر من خلال الأنا. وما زالت تظهر بعض المصطلحات المعربة عند ابن رشد مثل «أسطقس» بعد أن تحول إلى لفظ عربي.
53
ويشير ابن رشد إلى كتب أرسطو ومواضعها مما يدل على معرفته بالمذهب في أصوله الأولى وليس فقط عن طريق السماع والأفكار الشائعة. ويحيل إلى كتب المنطق والطبيعيات والنفس وكتاب الحروف أي الميتافيزيقيا.
54
المنطق مثل الفطرة عاملان مصححان إذا وقع الخلاف بين البشر، الفطرة الفائقة السليمة أو العلامات والشروط في المنطق التي بها يتم التمييز بين الظن واليقين. وبالتالي يتجاوز ابن رشد ابن سينا الذي جعل المنطق مرادفا للوحي. فكلاهما يعصم الذهن من الخطأ. عند ابن سينا يتأسس المنطق من أعلى في الوحي وعند ابن رشد من أسفل في الفطرة. بل إن الحديث عن المنطق يعني العلم نفسه لا منطقا بعينه. كما يحيل ابن رشد إلى كتب السفسطة والمقولات والبرهان. فلو كان الغزالي قد قرأ كتاب السفسطة ما كان وقع في مغالطاته. فالغزالي جاهل بقواعد المنطق. في البرهان يتم التمييز بين المقدمات المشهورة مثل الأقوال والمقدمات اليقينية مثل أوائل العقول. بل إن المقدمات اليقينية تتفاضل فيما بينها. كما يحال معنى ما قيل إلى كتاب المقولات، من أن كليات الأشياء المعقولة إنما صارت موجودة بأشخاصها، وأشخاصها معقولة بكلياتها. كما تم التمييز في كتاب النفس بين القوة التي بها يدرك الشيء والقوة التي بها تدرك ماهية الشيء، وكذلك التمييز بين العلوم الذي في مادة والعلم الذي ليس في مادة. كما يحال إلى «السماع» و«الكون والفساد»، بل وتعيين المقالة الثانية من «السماع» والثانية من «السماء والعالم».
55
ثم ينتهي أرسطو الفرد ويبدأ الحكيم وأحيانا الحكيم الأول. فقد تحول أرسطو إلى نمط مثالي، إلى حكم العقل ذاته. فبعد دراسة الموضوع يحيل ابن رشد إلى الحكيم الذي درس نفس الشيء، وانتهى إلى نفس النتيجة كنوع من احترام القدماء وإعطاء الحق لأهله، وتأييد الحق للحق، وتكوين جماعة الحق بصرف النظر عن الزمان والمكان والدين والحضارة والقوم مع تحديد الموضوع في كتبه أو كلامه أو نصه مثل «السماع» أو «التدبيرات الفلكية الجزئية» وهو أحد المنتحلات لما كان الانتحال إبداعا فلسفيا جماعيا يمكن الإحالة إليه من الفيلسوف باعتباره فيلسوفا ناشدا الكمال وليس باعتباره مؤرخا.
56
وقد ذكر ابن رشد أفلاطون من خلال ذكر أبي حامد له. فالصراع بين أفلاطون وأرسطو هو نفسه الصراع بين الأشعرية والفلاسفة، بين الفلسفة الإشراقية والفلسفة البرهانية. والأشعرية هم المتكلمون وليس المعتزلة، حكم الأغلبية على الأقلية، والقوي على الضعيف، وتراث السلطة على تراث المعارضة. وقد ظن الأشاعرة وأفلاطون أن دورات الفلك لا نهاية لها في المستقبل وإن كان متناهيا في الماضي بناء على أن ما يقع في الماضي متناهي، وما يقع في المستقبل لا يتناهى. وهذا حكم خيالي وليس حكما برهانيا. والأقرب إلى العقل أنه إذا كان العالم له بداية تكون له نهاية كما هو الحال عند المتكلمين. وقد رد أبو حامد على رأي أفلاطون في وحدة النفوس وتعدد الأبدان بقدم النفوس وحدوث الأبدان، وانقسام النفوس في العالم. فإذا فارقت عادت إلى وحدتها الأولى. وقد فند ابن رشد حجج الغزالي دفاعا عن موقف أفلاطون بأن زيد وعمر اثنان بالعدد وواحد بالصورة. ثم ينتهي بأن هذا الموضوع، تعدد الأبدان ووحدة النفوس سر مع أنه هو التصور الذي يمكن به الدفاع عن خلود النفس الكلية والوحدة النوعية للصور، وأنه لا يمكن إنشاء هذا السر وكأن ابن رشد قد جمع بين الظاهرية والتأويل. ويراجع ابن رشد أدلة القدماء على بقاء النفس مثل وجود جوهر في الأشخاص، من الميلاد إلى الموت، والوحدة الثانية في إطار التغير. لذلك اضطر أفلاطون إلى إدخال الصور وجعلها هي المخلقة للبدن والمصورة له. ويضيف ابن رشد أقوال أفلاطون لمعرفة إلى أي حد هو برهاني أم أقل من ذلك. وهو نقد منهجي أكثر منه نقدا موضوعيا. يستعمل أفلاطون قولا سوفسطائيا أراد به مداهنة أهل زمانه بعيدا عن قصده خاصة بعد محنته في كتبه مثل محنة ابن رشد وكأنه يقرأ فيها نفسه. وهو قول لا يفيد اليقين. ويذكر أفلاطون في موضوع الوحدة والكثرة، وكيف تخرج الكثرة من الوحدة ورأي أفلاطون في المتوسطات، وما هو المبدأ الأول، الفلك أو النفس أو العقل أو جميعها أو الله، وإلى أي حد يميز أفلاطون بين العقل والمبدأ الأول. وهي كلها مسائل تدخل كعناصر جزئية في التصور الكلي للتوحيد.
Bilinmeyen sayfa