Nakilden Yaratıcılığa
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Türler
ويقتبس مسكويه نصا ثانيا من سقراط في موضوع كيفية اختيار الصديق يتعرف فيه الإنسان قبل الصداقة على الصديق. صحيح أن لأفلاطون محاورة عن الصداقة، لكن النص في أغلبه منتحل، سقراط المثالي المعلم، الشيخ المربي الفاضل يقص عن سقراط. يذكر النص سيرة سقراط مع أصدقائه وإخوته وآبائه، وشكر من يجيب شكره معنويا وليس ماديا، وميله إلى الراحات والتباطؤ في الحركة، ومحبته للذهب والفضة، ومحبته للرياسة، والغناء واللحون، وضروب اللهو واللعب، وسماع المجون والمضاحيك، وهي سلبيات في الصداقة. أما الإيجابيات، فعدم الإكثار من الأصدقاء، والتسليم بعيوبهم؛ إذ لا يخلو صديق من عيب، وهي قيم إسلامية. والضحك الكثير يميت القلب، وأبو بكر صاحب الرسول. سقراط نموذج عملي على الصداقة والصديق. وقد ألف أبو حيان في الموضوع ولم يكتف بالاقتباس. وعندما يحلل مسكويه علاج الحزن فإنه يستشهد بسقراط عندما سئل عن سبب قلة حزنه، فأجاب بأنه لا يقتني ما إذا فقده يحزن عليه، مجرد استشهاد ومثل تاريخي للإيضاح.
23
ويحيل مسكويه إلى الرواقيين في معرض التساؤل عن طبيعة الإنسان خيرة أم شريرة؛ إذ يرى الرواقيون أن الإنسان خير بالطبع ثم يصير شريرا بفعل المجتمع ودوره السلبي في تربية الأفراد.
24
وقد شاع الرأي المضاد قبلهم، أن الإنسان شرير بالطبع ثم يصير خيرا بالتربية والتعليم، بفعل المجتمع ودوره الإيجابي. ثم يأتي جالينوس ويتوسط بين الرأيين؛ فالناس فيهم الأخيار بالطبع والأشرار بالطبع، بصرف النظر عما إذا كان تطور الجدل بين الشيء ونقيضه والمركب بينهما تاريخيا أم بنيويا. ويحال إلى الرواقيين أيضا مع جماعة من الطبيعيين جعلوا البدن جزءا من الإنسان وليس مجرد آلة؛ لذلك جعلوا السعادة في النفس غير كاملة إذا لم تقترب بها سعادة البدن وما هو خارج البدن؛ أي الأشياء التي تكون بالبحث والجد. السعادة عند أفلاطون وفيثاغورس وأبقراط في النفس فقط، وعند الرواقيين والطبيعيين في البدن والنفس، وعند أرسطو ومسكويه في كليهما؛ فالوسط أقرب إلى أحد الطرفين.
25
وبالإضافة إلى أعلام اليونان وفرقهم يذكر مسكويه مجموع الحكماء أو الحكماء المتقدمين استشهادا بأقوالهم؛ فقد قال الحكماء إن الإنسان مدني بالطبع، وإن إصابة الهدف أعسر من العدول عنه ولزوم الصواب، وإن صحة اللذة تسوق البدن من السقم إلى الصحة، ومن النقص إلى التمام، والنفس من الجهل إلى العلم ، ومن الفضيلة إلى الرذيلة، وحب الشر للأعداء الذي يجعل صاحبه شريرا. وتذكر أقوال الحكماء مسبوقة ب «لذلك» «ولهذا»، «على ما حكت»؛ فالقول يؤكد ما انتهى إليه مسكويه وليس مصدرا له. كما يستعمل أمثالهم كصيغ في التعبير عن المخزون الفلسفي الأدبي وتشبيهاته، مثل: من يهمل سياسة نفسه لسلطان الشهوة كمن يرمي بياقوتة حمراء من الذهب في نار حتى تصبح كاسا لا منفعة فيها. وضرب الأمثال جزء من حكم الشعوب وأقوال الأنبياء. وكذلك: مثل الملك الموكول بالدنيا، والطرق الثلاثة فيها طريق الخير، وطريق الشر، وطريق لا هو خير ولا هو شر، من عرفها نجا، ومن جهلها هلك، ليس بالموت بل بالحياة. ومثل: الإنسان الشرير كالكهف الذي أضرم فيه النار واختنق فيه اللهيب، كلما كانت هناك محاولات للإطفاء زادته اشتعالا وقوة.
26
وأحيانا تذكر أقوال الحكماء تعبيرا عن براعة العقل، مثل تحليل الانتقام وأثره على القلب، ومتى يكون محمودا عن شجاعة ومذموما عن جبن، وكذلك تحليل العدالة كفعل اختياري لتحصيل الفضيلة، والجور كفعل اختياري لتحصيل الرذيلة. ومع ذلك يترجم المثل في بعض ألفاظه بألفاظ الموروث، مثل ترجمة الهياكل بالمساجد. كما يركب مسكويه قسمة الحكماء على الموروث، ويجعلها مقامات الله عز وجل؛ الأول للموقنين، وهو رتبة الحكماء والعلماء. والثاني للمحسنين، وهي رتبة التوحيد بين العلم والعمل. والثالث للأبرار، وهي رتبة المعلمين خلفاء الله في الأرض. والرابع للفائزين، وهي رتبة المخلصين في المحبة، ورتبة الاتحاد. لا فرق بين الوافد والموروث إلا في الألفاظ، وهي مقدمات الفلاسفة والفقهاء والمجاهدين والصوفية.
27
Bilinmeyen sayfa