Nakilden Yaratıcılığa
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Türler
فإذا ارتبط الإلهي بالطبيعي فلا سبيل إلى فهم الطبيعي إلا بالمنطق، فالمنطق هو أساس العلوم، وكما يبدأ الكتاب بالبسملة ينتهي بالحمدلة والدعوة بالتوفيق والارتباط بالمشيئة والعون.
ثالثا: مسكويه
وإذا كانت الأعمال الطبية في التأليف هي الغالب أولا في تمثل الوافد قبل تنظير الموروث، فإن الأعمال الفلسفية تبدأ بمسكويه، ثم تتراوح بين الفلسفة والرياضيات عند ابن سينا والبيروني، ثم تعود إلى الطب والرياضيات والطبيعيات عند ابن بختيشوع وابن رضوان والخيام والطغرائي، ثم إلى الحكمة من جديد عند ابن باجه، ثم إلى الطب والحكمة عند ابن زهر وابن رشد، ثم تنتهي في التراكم إلى الأدوية عند ابن البيطار، ثم إلى الرياضيات عند الطوسي والفارسي وابن الأكفاني، وتنتهي إلى الطب كما بدأت عند داود الأنطاكي ومقلديه. (أ) و«تهذيب الأخلاق» لمسكويه (421ه) تأليف أخلاقي تتضح فيه أولوية تمثل الوافد على تنظير الموروث كنوع أدبي، وربما هو التأليف الأول الذي يحاول وضع أسس علم الأخلاق باعتباره علما مستقلا داخل النسق بعد الإلهيات، كما حاول ذلك إخوان الصفا في العرض النسقي الشعبي بإضافة العلوم الإلهية الناموسية والشرعية كقسم رابع من أقسام الحكمة. وعنوانه «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق»، وعادة ما يذكر النصف الأول دون الثاني اختصارا بالرغم من أهميته، وأنه جزء لا يتجزأ من مضمون الكتاب، نبه مسكويه نفسه على أهميته؛ فإذا دل الشق الأول «تهذيب الأخلاق» على الطابع العملي التأديبي، فإن الشق الثاني «تطهير الأعراق» يبين الجانب الإشراقي، تطهير النفس من شهوات البدن بالرغم؛ مما يدل لفظ عرق في الفكر العربي المعاصر من معنى الجنس بالمعنى العنصري.
1
وبالرغم من تشعب تهذيب الأخلاق إلى مقالات سبع إلا أنه يتميز بوحدة الفكر والإحالة المستمرة إلى بعضه البعض، إحالة اللاحق إلى السابق، والسابق إلى اللاحق. كما يحيل مسكويه إلى باقي أعماله؛ مما يدل على وحدة المشروع والرؤية والتكامل بين أجزائه. ويأتي ترتيب السعادات و«منازل العلوم» في المقدمة، وله صيغ مختصرة «ترتيب العادات»، أو «مراتب العادات»، أو «الترتيب» فقط. ويحال إلى «الرسالة المسعدة» و«صناعة العدد».
2
ويتكون من سبع مقالات يتداخل فيها الوافد والموروث بنسب متفاوتة؛ ففي المقالة الأولى عن الأخلاق النفسية يغيب الوافد ويحضر الموروث الأصيل؛ مما يدل على أن التأليف غير مرتبط بالضرورة بالوافد كنقطة بداية، بل قد يبدأ من الموروث، بالداخل وليس بالخارج. وفي المقالة الثانية الأولوية للوافد على الموروث. وفي المقالة الثالثة أيضا الأولوية للوافد على الموروث حتى يسهل امتصاصه وتفاعله داخل الموروث. وفي المقالة الرابعة، ومعظمها عن العدالة، يحضر الوافد ويغيب الموروث بعد أن اطمأن الموروث إلى قدرته على الاستيعاب والوقوف أمام الوافد. وفي المقالة الخامسة عن الأخلاق الاجتماعية والسياسية، الأولوية للوافد على الموروث، كما هو الحال في المقالتين الثانية والثالثة بعد ظهور الموروث كمصدر ثان مستمر للفكر. وفي المقالة السادسة تستمر أولوية الوافد على الموروث كآخر محاولة لتمثل الوافد واستيعابه كلية. والمقالة السابعة عن الرذائل تنقلب الأولوية للموروث على الوافد باعتبار أن الموروث علوم الغايات، في حين أن الوافد علوم الوسائل. ففي المقالتين الأولى والسابعة، أي في البداية والنهاية، الأولوية للموروث على الوافد، بينما في المقالات الوسطى من الثانية حتى السادسة الأولوية للوافد على الموروث، وكأن الوافد موضوع بين دفتي الرحى، بين المطرقة والسندان في البداية والنهاية .
3
والعجيب أن عند مسكويه، وهو ممثل الحكمة الفارسية، يتصدر الوافد اليوناني على الوافد الفارسي، بل ويتصدر الموروث نفسه.
ومن الوافد يتصدر أرسطو، ثم أفلاطون وجالينوس، ثم أبقراط وسقراط والإسكندر المقدوني والرواقيون، ثم بروسن وفرفوريوس وفيثاغورس وإيرقليطس. ويشير مسكويه إلى كتاب الأخلاق لأرسطو دون تحديد هل هو الأخلاق الكبير أم الصغير، الأخلاق إلى نيقوماخوس، أو الأخلاق إلى أوديموس. وتدل الإحالات إلى أن مسكويه يحاول تأسيس الأخلاق على المنطق (التأسيس النظري)، وعلى التربية (التأسيس العملي)؛ فمثال التأسيس المنطقي للأخلاق: (1) كل خلق يمكن تغيره. (2) لا شيء مما يمكن تغيره هو بالطبع. ∴
Bilinmeyen sayfa