Nakilden Yaratıcılığa
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Türler
72
ويكثر ذكر جالينوس راويا عن تاريخ الطب القديم أكثر من ذكره كطبيب؛ لذلك تظهر أفعال القول والذكر والرواية. ويضعه ابن هندو في عصره وزمانه نظرا لأن الطب علم اجتماعي. ويذكر نقده لأطباء عصره؛ فثالسس رئيس الفرقة المحتالة، دخل معه جالينوس في حوار لكشف احتياله، ومثل هؤلاء يستحقون القتل. ونظرا لتعظيم جالينوس الطبيب، ونظرا لجمعه بين الطب والمنطق، جعله فيلسوفا. ويصف ابن هندو أغراض كتب جالينوس كتابا كتابا، واعتمادا على شرح أبي الخير؛ فقد تحول الوافد إلى موروث ولم يعد وافدا؛ مما سهل عملية تمثل الوافد وبداية تنظير الموروث. ويبدو جالينوس شارحا لأبقراط؛ مما يدل على التراكم الفلسفي أيضا عند اليونان. وقد جعل لها الإسكندرانيون جوامع تغني عن أصول جالينوس. وينقد أبو الخير ما فعل الإسكندرانيون بجالينوس ؛ فقد نقصهم الأغذية والأدوية والأهوية، وغاب عنهم الترتيب الصحيح الذي يقوم على المنطق والقياس، الترتيب الصناعي الذي يتدرج من الأظهر إلى الأخفى. وأضاف كتبا أخرى لإكمال جوامع الإسكندرانيين.
73
ويستعمل قول مشهور لأبقراط، حكمة عامة لا تتعلق بالطب، مكررة في معظم الكتب مثل حكمة أنوشروان في السياسة. ويتعامل أبقراط مع البدن تعامله مع النفس، وهو من المدرسة الطبيعية في الطب على عكس جالينوس الذي ينتسب إلى المدرسة المنطقية. ويمدح ابن هندو شخصية أبقراط العلمية ويلقبه بالفاضل، ويثني على ارتباطه بوطنه، ورفض عرض ملك الفرس لاستدعائه وعرضه عليه مبلغا كبيرا من المال.
74
وقد منع أرسطو مجادلة منكري الطب؛ فالحوار له شروطه، ومع هؤلاء لا تتوافر شروط الحوار. كما عرف أفلاطون الفيلسوف بأنه المتشبه بالباري بقدر الطاقة البشرية. وينقد ابن هندو ابن الخمار اعتمادا على أفلاطون؛ فالطبيب للأبدان، والفيلسوف لحقائق الموجودات.
75
ويبدو الطب في الإسكندرية حلقة الاتصال بين الطب اليوناني والطب العربي الإسلامي، كما كان الطب السرياني في الشام؛ فيروي ثاون الإسكندراني عن أبقراط أن المتقدمين كانوا يعالجون الأمراض بالموسيقى؛ لذلك تذكر أسماء الفرق والمجموعات، مثل اليونانيين والإسكندرانيين والسريانيين، بل ويذكر الوافد الشرقي من فارس والهند والروم.
76
ويتعادل اليونانيون مع الفرس من حيث حضور الوافد الغربي والشرقي. ويوحي الحديث عن القدماء بتطور الطب من القدماء إلى المحدثين؛ فالعلم ليس كاملا في حضارة واحدة، بل هو تراكم تاريخي في تقدم العلم. وبالرغم من مساهمة الحضارات شرقا وغربا في الطب إلا أن العلم واحد له مصطلحاته وألفاظه، ومع ذلك فالعلم نتاج حضاري، يتكون بتكونها، وقد ينفصل في حضارة عن الدين، وقد يرتبط به في حضارة أخرى؛ ففصل الإسكندر الطب عن الدين قد يصح على الأمد القصير، ولكنه خاطئ على الأمد الطويل، بل يتنوع العلم داخل كل حضارة؛ فالطب قد يرتبط بالمنطق عند جالينوس، وبالطبيعة عند أبقراط، وبعلم التنجيم أو الموسيقى والهندسة عند البابليين والمصريين. والتقابل بين الحضارات إنما يكون على مستوى اللغة، مثل اللغة اليونانية واللغة العربية.
Bilinmeyen sayfa