Nakilden Yaratıcılığa (Cilt 1 Nakil): (1) Tadvin: Tarih - Okuma - İntihal
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Türler
ويبين ابن خلدون مناهج التعليم التي تؤدي من النقل إلى الإبداع: التعلم تدريجي، وتقريب العلم للمتعلم على سبيل الإجمال حتى تحصل له ملكة العلم ويترقى في المراتب فيتعلم بنفسه، فالفطرة أساس التعليم، وعدم الانقطاع عن مجالس العلم حتى لا ينسى، وعدم خلط علمين في وقت واحد تمييزا بين العلوم وكأن ابن خلدون لا يدرك أهمية التخصصات البيئية، ونسق العلم ووحدة المعرفة البشرية. كما يتجه المتعلم نحو الموضوع وينظره تنظيرا مباشرا؛ إذ لا يكفي قراءته في كتاب، بل الحصول عليه بالتجربة. فالعلم لا يستنبط من النص بل يستقرى من الواقع. ليس العلم فقط هو المدون المقروء، بل هو أيضا الشفاهي المسموع، ليس علاقة بين المتعلم والكتاب بل بين المريد والشيخ كما هو الحال عند الصوفية وفي ثقافة سمعية وليست مرئية. ويتوزع العلم على مراحل العمر. ويتجه العلم معا نحو العمل. لذلك لا يستحسن التوسع في العلوم الإلهية، والتحول «من العقيدة إلى الثورة»، وأن يحمل العلم «هموم الفكر والوطن». والعلوم الإلهية هي علوم المقاصد في حين أن العلوم الدنيوية هي علوم الوسائل، والتوسع في الدنيوية يحقق نفعا لتحقيق المقاصد الكلية. والعلوم الإلهية ليست فقط علوم الكتاب والسنة، بل هي علوم المقاصد الكلية للشريعة وهي الضروريات الخمس، المحافظة على الحياة والعقل والدين والعرض والمال، وهي المصالح العامة التي تسمى بلغة العصر حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، والتي فيها تلتقي العلوم الإلهية والعلوم الإنسانية، علوم الغايات وعلوم الوسائل. وينقد ابن خلدون الموقف الطبقي للعلماء الذي يبرر عجزهم عن العلم أو رغبة الفقراء منهم للتكسب به أو الرد عليهم بنفس المنطق ولنفس الغاية كما فعل ابن سينا.
4
ويثير ابن خلدون قضيتين خلافيتين؛ الأولى ابتعاد العلماء عن السياسة، والثانية أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم من العجم.
5
فالقضية الأولى تعارض توجه العلم نحو العمل، وتحول النظر إلى ممارسة، والعياذ من علم لا ينفع، وضد التزام العالم بقضايا الوطن، وتحويله إلى مجرد حامل علم أو بائع له لمن يشاء في الداخل أو الخارج. فالعلم والمال لا وطن لهما. وعدم تسييس العلم تحويله إلى مهنة أو حرفة، وليس إلى رسالة أو أمانة بدعوى لا سياسة في الجامعة ولا جامعة في السياسة مثل عدم تسييس الدين وتحوله إلى مجرد إيمان وعقائد وشعائر وطقوس بدعوى لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، وكما يقال في عصرنا الحاضر دفاعا عن نظم التسلط والطغيان.
والقضية الثانية قد تكون كلمة حق يراد بها باطل؛ فهو حكم تقريري تعززه الأحاديث النبوية «العلم في فارس»، «لو كان العلم في الثريا لناله رجال من أهل فارس». ويؤيده الواقع، فالفرس غالبية السكان والأكثر عددا. وقد كانوا أهل حضارة أو علم سابق على الإسلام وليسوا بدوا. وربما لكونهم من المعارضة السياسية والأقلية المضطهدة تجاه النظم السياسية والأغلبية القاهرة. والأقليات المضطهدة عادة ما تلجأ إلى العلم كأداة للقوة مثل حال اليهود في العالم اليوم. ربما لأن العرب تفرغوا للرياسة واستأثروا بها فتفرغ الفرس للعلم وأبدعوا فيه. والعلم هو السلطة الفعلية الدائمة والسياسة هي السلطة الوقتية الذاهبة. وقد يراد بذلك الباطل إذا ما تم تأويله على نحو شعوبي عنصري، وكأن الفرس أصحاب عبقرية خاصة بهم كما هو الحال في النظريات العنصرية الغربية المعاصرة.
وفي نفس الوقت يقول ابن خلدون بدورات التاريخ، وبذهاب العلم بذهاب الأمصار، وبانتقاله من العجم إلى مصر، نظرا لتحول العجم إلى البداوة، ومصر إلى الحضارة، فمصر أم الدنيا، وإيوان الإسلام، وينبوع العلم والصنائع، مصر المحروسة. وبقي بعض الحضارة إلى ما وراء النهر؛ أي إلى آسيا، وبالتالي تكون مصر وآسيا وريح الشرق محور الحضارة القادم.
6
كان لديه إحساس بوجود حضارة في الشمال، الإفرنجة في شمال الأندلس أيام تغلب النصرانية وازدهار العلوم العقلية عند الفرنجة، وكأن الحضارة قد تحولت من العجم إلى مصر، وحفظتها مصر في عصر الموسوعات في نفس الوقت الذي تحولت فيه إلى الشمال، إلى أوروبا المعاصرة.
7
Bilinmeyen sayfa