Nakilden Yaratıcılığa (Cilt 1 Nakil): (1) Tadvin: Tarih - Okuma - İntihal
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Türler
إن معظم الأحكام الخاطئة الخاصة بالنقل والتأثر والخلط والتوفيق إنما ترجع إلى أنها تتعامل مع «النقل» أكثر من تعاملها مع «الإبداع»، وتنظر إلى النقل نظرة خارجية محضة دون وعي بظاهرة «التشكل الكاذب». وتغفل الإبداع لأن التأليف حكر على اليونان. أما تأليف الشعوب الأخرى المجاورة السابقة على اليونان مثل شعوب الشرق القديم أو التالية لها مثل الشعوب الإسلامية، فإنه تأليف ديني أخلاقي سياسي، وليس تأليفا فلسفيا ميتافيزيقيا نظريا منطقيا خالصا، وهو ما يميز التأليف اليوناني القديم والتأليف الغربي الحديث. فالغرب وحده، في مصدره اليوناني القديم، أو في تطوره الحديث، هو الوحيد القادر على التنظير. أما الشعوب اللاأوروبية فليس لها إلا النقل والترجمة والتعليق والشرح والتلخيص والعرض، التهميش على المتون.
رابعا: مناهج الدراسة لعلوم الحكمة (1) المنهج التاريخي والمنهج البنيوي
يمكن دراسة علوم الحكمة بعدة مناهج أهمها المنهج التاريخي والمنهج البنيوي. ولا يعني المنهج التاريخي ما هو متبع في دراسات المستشرقين وفي الكتب المقررة عند أساتذة الجامعات، مجرد رصد زماني لأسماء الفلاسفة وعرض مؤلفاتهم وتكرار مضمونها؛ فهذه هي النزعة التاريخانية عند المستشرقين التي ارتبطت بالمدرسة التاريخية في القرن التاسع عشر. وهي العادة المتبعة عند الأساتذة الذين يكررون القديم استسهالا أو كسبا أو إيثارا للسلامة أو للترقية.
المنهج التاريخي المقصود هو دراسة الحكماء طبقا للترتيب الزماني: الكندي (252ه)، الرازي (313ه)، الفارابي (339ه)، ابن سينا (428ه)، ابن باجة (533ه)، ابن طفيل (581ه)، ابن رشد (595ه)، وغيرهم من الفلاسفة الموازين مثل أبو البركات البغدادي (547ه) باعتباره تراكما تاريخيا في علوم الحكمة. كل فيلسوف يبني على فيلسوف طوليا، تنويعا على الاستشراق. وابن رشد يبني على الكندي طوليا لأنه استمرار للفلسفة العقلية. وكذلك الرازي يبني على الكندي طوليا لأنه استمرار للفلسفة العلمية. وفلاسفة المغرب يبنون على فلاسفة المشرق طوليا لأنهم تنويعات عليهم، ابن باجة تنويع على الفارابي، وابن طفيل تنويع على ابن سينا. أما الفارابي فإنه يبني على الكندي عرضيا لأنه يؤسس مذهبا موازيا، الإشراق في مقابل العقل، والفيض في مقابل الخلق، والتصوف في مقابل العلم؛ فالمذاهب كائنات حية يتولد بعضها من بعض.
54
تتكاثر بالتمدد والانفصال وبخلق مذاهب متداخلة أو متقابلة، متجانسة أو متعارضة، ومتماهية أو متباينة. ويظل هذا التطور الخالق قائما حتى ينقضي عمر الحضارة، ويخف الدافع الحيوي، ويضمر العلم حتى ييبس ويتكلس. كل مذهب وحدة حسية مستقلة، رؤية أو تصور للعالم، نافذة للحضارة على غيرها، معمار هندسي ونسق فكري، وعمل فني، وإبداع ذهني. المنهج التاريخي بهذا المعنى ليس رصدا للوقائع، ولا إحصاء لمؤلفات، ولا ترتيبا لنصوص، ولا سلسلة من الأحداث كما هو الحالة في النزعة التاريخية
Historicism ، بل هو إبداع حيوي، وخلق حضاري، ووحدة عضوية متنامية تحكمها بنية العضو وقوانين الحياة. هو تاريخ أحياء وليس تاريخ أموات، إحساس بنبض وليس رفات أكفان.
وقد يتناول المنهج التاريخي تطور علوم الحكمة من المتقدمين إلى المتأخرين كما هو الحال مع باقي العلماء. وقد لاحظ القدماء هذا التقابل بين المتقدمين والمتأخرين، بين السلف والخلف، بين الأوائل والأواخر، وبلغتنا بين القدماء والمحدثين. إلا أن المتقدمين في التراث أفضل من المتأخرين، والأوائل أكثر علما من الأواخر، والسلف أكثر إبداعا من الخلف، في حين أن المحدثين في عصرنا أفضل من القدماء منذ عصر النهضة الغربي في القرن الماضي.
وميزة المنهج التاريخي بهذا المعنى أنه يقدم دراسة لنشأة علوم الحكمة وتطورها ابتداء من النقل والتعليق إلى الشرح والتلخيص، وتطورها إلى العرض والتأليف، وذروتها في الإبداع المستقل. يقدم صياغة لكل مذهب فلسفي كرؤية للعالم وتجربة فلسفية واختيار ذهني ومنظور كوني. وعيبه ارتباط علوم الحكمة بأشخاص الحكماء مع أنها مستقلة عنهم، لها بنيتها المستقلة، وموضوعاتها المستقلة.
55
Bilinmeyen sayfa