Nakilden Yaratıcılığa: Açıklama
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Türler
41
والحقيقة أن العلمين؛ علم الطبيعة وعلم ما بعد الطبيعة علم واحد وهو الموجود، مرة النسبي ومرة المطلق، ولكن الأهم عند أرسطو ليس موضوع العلم بل قضايا العلم نظرا لتقدم الأقاويل الجدلية على الأقاويل البرهانية في تاريخ العلم. كانت وظيفة أرسطو نقل أقاويل القدماء من مستوى الخطابة والشعر إلى مستوى الجدل. ومهمة ابن رشد نقلها من مستوى الجدل إلى مستوى البرهان، ولكن نيقولاوش خالف أرسطو ورد علم ما بعد الطبيعة إلى علم الطبيعة. وهنا يبدو أرسطو أكثر تعادلا واتزانا بالإبقاء على العلمين العام والخاص، ويكون نيقولاوش أقرب إلى الرد الطبيعي. والأفضل عند ابن رشد هو نظام أرسطو.
42
ويمكن لموضوع واحد أن يدرس في العلمين على نحو مختلف، فالصورة يمكن دراستها في علم الطبيعة متصلة بالمادة ومتولدة عنها بالذات أو بالعرض. ويمكن دراستها مفارقة للمادة في علم ما بعد الطبيعة. طبيعة الكون موضوع للطبيعيات وكذلك الصور الهيولانية المتولدة من الصور الهيولانية كما هو الحال في البذور، هي أيضا موضوع لما بعد الطبيعة.
ومعقولات الحركة ليست الحركة. فالمعقولات في عالم الأذهان، والجواهر في عالم الأعيان. وهنا يحرص أرسطو على التمايز بين العلمين من أجل إعطاء الشرعية للعلمين، ما بعد الطبيعة للصورة، والطبيعة للمادة دون الخلط بينهما ودون رد أحد العلمين إلى الآخر، وقد عبر أرسطو عن ذلك على جهة الاستظهار أي من أجل التعليم والتوضيح وإزالة الشكوك والخلط عند الشراح من أجل إظهار الحق. والصور المفارقة هي التي سماها المتأخرون من المتفلسفين بعد أرسطو العقل الفعال، سخرية من ابن رشد على التيار الأفلاطوني المشائي. والمعقولات حادثة بالرغم من أنها على مذهب القائلين بالصور المفارقة أزلية ، ولا يمكن أن يكون الجوهر الأزلي جزءا من الجوهر الفاسد أو أن يكون الجوهر الفاسد جزءا من الجوهر الأزلي، فالصور المفارقة ليست في الكون إنما يوجد في الكون الأشياء المتكونة من مادة وصورة، ما يتحول من القوة إلى الفعل من جنسه، لا فرق بين معادن وحيوان ونبات. فصور النبات من البذور وليست مفارقة له. وهذا ما يختلف عليه أفلاطون الذي يقول بالصور المفارقة وأرسطو الذي يقول بالصور المتكونة.
43
وعندما يتحدث أرسطو عن التقدم في الجوهر فإنه يعني الجوهر المادي؛ فتقدم الجوهر لا يعطيه أية ميزة على سائر الموجودات وهو ما أدى إلى اللبس عند الشراح، وحاول الإسكندر توضيحه. فإذا كان المقصود مفهوم التقدم يكون من الكليات المستقرأة من الجزئيات. وإن كان المقصود التقدم المتكون فإنه يكون بالقوة لا بالفعل، الأشياء الحادثة باتفاق، ضد ما ذهب إليه ديمقريطس الأشياء الحادثة أو الأكوان، العقل لا يتقدم كما تتقدم الأشياء بعضها على بعض وهي من جنس واحد. فالكل عند أرسطو هو الجنس، والكليات عنده يجمعها الذهن من الجزئيات المتشابهة بالقوة لا بالفعل، إصلاحا لقول ديمقريطس. فأرسطو يصلح قول ديموقريطس كما يصلح ابن رشد قول الإسكندر شارحا أرسطو. الكليات عند أرسطو مستقرأة من الجزئيات، وعند أفلاطون معان ذهنية سابقة على الجزئيات. وفي نفس الوقت الذي يعارض أرسطو فيه الرد الطبيعي، جعل مقولات الحركة الجوهر المتحرك. وإرجاع عالم الأذهان إلى عالم الأعيان كما هو الحال عند نيقولاوش يعارض أيضا الرد الميتافيزيقي والذي يرجع الموجود الخاص إلى الموجود العام، وإرجاع عالم الأعيان إلى عالم الأذهان كما هو الحال عند بارمنيدس.
44
ومن ثم يبدو أرسطو مؤرخا للفلسفة اليونانية، قابضا على التيارين الرئيسيين فيها، الطبيعي وما بعد الطبيعي، وبلغة العصر الواقعي والمثالي، التجريبي والعقلي، ويجد ابن رشد نفسه في نفس الموقف التاريخي مراجعا الفلسفة الإسلامية بين نفس التيارين، الرازي والفارابي، والكندي وابن سينا، التيارين اللذين جمع بينهما الكندي في البداية وابن رشد في النهاية؛ فأرسطو مؤرخ للفلسفة اليونانية وراو عنها، وكثير من أقوال القدماء عرفت عن طريق أرسطو مؤرخا وراويا، فإذا ما عرض أرسطو للأين فإنه يعرض للمعنيين الطبيعي باعتباره المكان، والميتافيزيقي باعتباره مقولة، كما يدرس أرسطو البسائط والمركبات معطيا لكل منها مستواها الخاص دون خلط بينها. ويدرك ابن رشد وحدة الفلسفة اليونانية من خلال أرسطو. كما يدرك وحدة الفلسفة الإسلامية من خلال مراجعتها وتصحيح فهم لأرسطو.
45
Bilinmeyen sayfa